الثورة – فاتن أحمد دعبول:
اغتنت ورشة العمل” الدراما السورية، صناعة فكر ومسؤولية مجتمعية” بنقاشات واقتراحات بمشاركة عدد من المهتمين بالشأن الدرامي، وقد ضمت الجلسة الأولى ورقة العمل التي حملت عنوان” دور القطاع العام في صناعة الدراما” قدمها أحمد الخضر المدير العام للمؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي.
* الخضر: التشاركية هي الحل الأمثل..
حيث بيَّن الخضر مدى اهتمام الدولة بالدراما والأولوية التي أولتها الدولة وما تزال حتى الآن في بناء صناعة درامية حقيقية، تكون صورة للجمهورية العربية السورية في الداخل والخارج.
وأشار إلى تنبه الدولة السورية في وقت مبكر لمصطلح القوى الناعمة ومنها الدراما، فكانت الرعاية المباشرة من القائد الخالد حافظ الأسد بالإيعاز إلى الوزارات المعنية بتقديم كافة التسهيلات اللوجستية والقانونية والتقنية للراغبين في دخول صناعة الأعمال الدرامية.
وبيَّن بدوره أن المؤسسة استطاعت بين عامي 2012 حتى عام 2018 الحفاظ على دوران الكاميرا في سورية، رغم توقف العديد من الشركات لأسباب تتعلق بالربح والخسارة ودراسة الجدوى الاقتصادية.
وأوضح أن إعادة الألق للدراما يتطلب عوامل عديدة أهمها الفكر التشاركي مع القطاع الخاص بكافة أشكال هذه التشاركية مادية أو تسويقية أو حتى معنوية، وهذا بدوره يخفف من الأعباء الاقتصادية على الجميع، ويرفع جودة العمل ويسهل عملية التسويق في الآن نفسه.
ويرى الخضر أن الهدف الأكبر الذي نسعى لتحقيقه هو كيف لسورية أن تحافظ وتستعيد الريادة الدرامية على الساحة العربية، في ظل المنافسات الكبيرة، مايؤكد أن الراعي الرسمي للدراما هي الدولة التي تبنت منذ فترة زمنية بعيدة هذا المشروع، وراهنت عليه وكسبت الرهان بفتح المجال للقطاع الخاص الذي كان خير سفير لسورية في تصدير هوية ثقافية فنية وبصرية حضارية، فالتشاركية هي الحل الأجدى لتذليل الصعوبات والتحديات.
* د. نهلة عيسى: التقيد بمعايير المحتوى المدروس..
وتحت عنوان” المشروطية الاجتماعية للدراما التلفزيونية” قدمت د. نهلة عيسى ورقة عمل تساءلت في بدايتها لماذا ورشة العمل؟ وتجيب أن الورشة تأتي أهميتها من استنادها لعدة نقاط، أولها أهمية التلفزيون وجميع منصات العرض الأخرى في المجتمع المعاصر، وتطور اللغة التلفزيونية وأشكال التجسيد الفني التلفزيوني بإيقاع متسارع حوّل هذه الوسيلة الاتصالية بجميع عروضها إلى بديل مبرهن عن هذه الحواس لا يمكن دحضه ولا الإتيان بغيره، وهذا ما حول الدراما بلغة الإعلام إلى ” مناهج التعليم الشعبي، وأن الجمهور لا يدرك مدى التعقد الرمزي والنصي للبرامج التلفزيونية عامة والدراما خاصة، ولا عمليات التأطير والتصنيف، وهذا يساهم إلى حد كبير وأثناء عملية التلقي إلى طمس الحدود ما بين الواقع والخيال أو الحكاية، حتى تصبح فيه الصور الدرامية وبسرعة حقائق سياسية وثقافية لافتة.
كما أن الدراما بما تملكه من أساليب استحواذية تجذب وتخاطب قناعات الأفراد في المجتمع، والتأثيرات الخادعة الناتجة عن الترابط الدرامي المنطقي لنص ماكر مع بعض تفاصيل الحياة الواقعية يجري غرسها في اللاوعي الإنساني، وهذا الإمتاع أقرب الطرق للإقناع.
البعض يرى أن الدراما ترجمة فعلية للواقع، والبعض الآخر راح فيها أنها تسيء إلى صورة السوريين على المستوى العربي والدولي، والحقيقة أن كلا الطرفين صحيح في المنطق العلمي، أولاً لأن التلفزيون وجميع منتجاته هو في عمق الدراما أصبح بديلاً عن حواسنا الإنساني، بديلاً عن التجربة الموضوعية، أصبح وسيلة إثبات وجود، وبالتعريف العلمي فالدراما هي مناهج التعليم الشعبي على مستوى العالم، وتعليم السلوك ونقل الثقافة لأن القراءة تراجعت وحتى التعليم في المدارس أصبح تابعاً للصورة.
وقد ساهمت الدراما السورية عن قصد أو غير قصد في تشكيل صورة ذهنية سلبية عن المجتمع السوري، مهدت الطريق فيما بعد لتصديق كل الأكاذيب التي بثتها وسائل الإعلام العربية والأجنبية عن الأحداث في سورية.
لذلك التأثيرات كبيرة لكل المنتجات الإعلامية بسبب ما تنتجه الدراما من قدرات كبيرة على الإيهام وصناعة ما نسميه الإقناع، ربما أصبحت بديلاً عن الأسرة، ومن القضايا التي تجعل للدراما دوراً خطيراُ وتجعلنا نتوقف عند المحتوى، التزييف والاحتيال وصناعة أبطال وهميين ومجازر تقشعر لها الأبدان على لسان شخصيات واقعية مأجورة لرواية محبوكة في سيناريو مؤثر بعيداً عن احترام للحقيقة، وهذا دليل قوي على تسيد المشهدية في صناعة الأخبار في الحرب على سورية.