كلما ضاقت أنفاس الإدارات الأميركية بالخيبات، وغصت بابتلاع المتغيرات الدولية، وطاردها عجز إدارة الملفات العالمية، وكثرت الهزات السياسية والاقتصادية، ووجد حكامها أنفسهم يتأرجحون على حدي تدني أرصدتهم الشعبية وأفول الأحادية القطبية، لاذوا بفبركات هوليودية وأقاموا كرنفالات بهلوانية لاستعراض بطولات خلبية في محاربة طواحين إرهابهم، واستحضروا تعويذته للقفز فوق تلال الاخفاقات.
وليس جديداً بالعرف الأميركي البحث عن إحراز نصر افتراضي على (القاعدة أو داعش) تُسلط عليه الاضواء، فتصنيع الإرهاب وادعاء محاربته ركيزة أساسية بسياسات قاطني البيت الأبيض، وتسديد ضربات وهمية في مرمى (عدو) مصنع بالمختبرات الاميركية، يتوهم بايدن أنها ستحسن مزاج الشارع الانتخابي الذي ضاق ذرعاً بفداحة أخطائه السياسية، ما أحدثه من تصدعات في الاقتصاد الاميركي ويبعد شبح التهلكة السياسية التي يمشي إلى حافتها مُتّخماً بحمل ثقيل من الإخفاقات.
فاستحضار كذبة مقتل الظواهري متزعم تنظيم القاعدة الإرهابي بهذا التوقيت له دلالاته التي لن تخفى على كل متمعن بإرهاصات أفول القطبية الأميركية، وتخبط بايدن ودورانه في حلقات مفرغة ولهاثه لرتق ثقوب العته السياسي والاقتصادي المتسعة.
أتخمنا من مسرحيات الاستغباء الأميركية الممارسة وسيناريوهات التضليل التي لا تمل واشنطن من اجترارها وتعويمها على مسرح الأحداث العالمية، فالحرائق التي أشعلتها في أوكرانيا ونيران الاستفزاز في تايوان، وفصول اللصوصية والعربدة العدوانية في الجزيرة السورية تؤكد أن واشنطن هي بيت الداء الارهابي وهادمة السلم الدولي.
لكن رغم هذه البهرجة الدعائية لا عودة لعقارب المتغيرات الدولية للوراء، فألاعيب واشنطن وأساليب ثعالب إداراتها باتت مكشوفة، لا يجدي فيها نفعاً تفخيخ الشعارات لتهديد الدول وتطويقها بزنار الحروب والعقوبات، وملهاة الإرهاب المتبعة لن تحجب غوايات هيمنتها، فأميركا لم تشعل نار الإرهاب لتطفؤها، ولا تسخن الأزمات الدولية على نار الرغبة بالسطوة لتبرّدها، ولا تبث الفوضى إلا لترتب تبعثر أوراق نفوذها المتطايرة.