التكفير والتطرف بكل أشكاله وصوره سواء دينياً أم عرقياً أم سياسياً أم اجتماعياً أم فكرياً هو وعي قاتل هو قاتل لأنه لا يقبل الآخر بل لا يتصور وجوده بفعل أحاديثه واستغراقه في ذاته وقاعدته العامة تقول:
إن لم تكن مثلي فيجب قتلك إن لم تكن كما أريد فقتلك واجب علي، والوعي القاتل لا يقف عند حدود الأفراد والجماعات المنظمة والمؤدلجة فقط فقد تمارسه بهذا المعنى وتلك الصورة السلطة لمن يعارضها أو يعارض نهجها وفلسفتها السياسية وهذا حال مستثمري الدين ومثاله الحركة الصهيونية والحركات المتطرفة التي أشعلت فتيل الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش والحركات المتطرفة الإسلامية أو لنقل المتأسلمة.
في كل الأمثلة التي أتينا عليها يتم نقل الدين من حقله الإنساني إلى حقله المتطرف أي قتل المختلف وفي ذلك نكون أمام انتقال لوعي قاتل، فالإرهابي لديه وعي قاتل سواء أكان يلبس ربطة عنق أم ملتحياً بعمامة سوداء أو قلنسوة وكاب أو ارتدى لباس قسيس، فالإرهاب هو أن تقتل الآخر لأسباب خاصة تريد أن تحققها أنت بشكل غير قانوني أو أخلاقي أو شرعي، ولعل ما يرفع من وتيرة خطورة تلك الأشكال من التطرف هو الشعور الزائف بالقوة التي تعتقده تلك الجماعات المتطرفة مستثمرة بصورة سلبية رأسمالها الديني أو الفكري أو الاجتماعي والسياسي وتحوصله قتلاً وأذية.
من هنا تصبح مسألة وقضية تشكيل الوعي الإيجابي في المجتمعات مسألة غاية في الأهمية عبر عملية إدماج إيجابي ووعي ظني وإنساني لجهة أن ثمة أشكالاً من الوعي في المجتمع بحكم بنيته وطبيعته وتركيبته ومستوى وطبيعة علاقات الإنتاج فيه وعلى سبيل المثال وعي أبناء وسكان المدن لا يتطابق تماماً مع وعي أبناء الريف وأبناء الصحراء والعكس صحيح ولعل الهجرة من الأرياف إلى المدن تنقل معها كل هذه الأشكال من الوعي ومع تشابك العلاقات في هذه الحالة، وهي ظاهرة قائمة في أغلب دول العالم ومجتمعاته تبرز أهمية تشكيل وعي جديد نتيجة لهذه العلاقة وحركيتها وتطورها في المجتمع،
هذا الوعي الجديد أو المأمول لا يكون بالفرض، وإنما في سياق عملية تاريخية تطورية تفاعلية يبرز فيها دور النخب الثقافية والدينية والتربوية في تشكيل ذلك الوعي الجديد فالوعي هو العقل، وقد أصبحت فيه كل هذه الأشياء أي مستودع المعرفة بما فيه العلم الأخلاق الدين و الفن الجمال، الفلسفة والأسطورة وصولاً للنظرة للمحيط الكون وكل ما هو محيط بنا خارج ذاتنا.