لو أننا اليوم عرّفنا الإعلام ” بأنه تزويد الناس بالحقائق والمعلومات السليمة التي تساعد الناس على تكوين رأي صائب …” سيبدو تعريفاً مغايراً لما نراه حالياً…؟
ألا نعيش حالة انقلاب في مفاهيم الإعلام، منذ أكثر من عشر سنوات، اختلت فيها النظريات الأكاديمية، وتبدلت المفاهيم التقليدية وعلا صوت إعلام بديل، معاصر…أيا كانت التسمية، لكنه لا يقبل بتعريف إعلامي محدد منسوب لكليات الإعلام ومدرسوها وأعلامها الذين اشتغلوا طويلاً على نظريات إعلامية، مع كل هذه التغيرات أتى من يبعثرها، ويعيد خلط الأوراق، ولاتزال اللعبة مختلة، وتدار حسب مصلحة الممول.
ليست مصالح وإيديولوجيا الممول وحدها، من ساهمت في هذا الخلل، بل طرق التعاطي مع الإعلام بعد أن أصبحنا محاطين بشبكة مواقع التواصل، وأصبح بإمكان أياً كان، التحول إلى مصدر للمعلومة، دون اعتماد أي مصادر موثقة.
من يهتم…؟!
تغييرات كثيرة ترتبت على النقلة، التكنولوجية، ولكن الأهم تلك التي عشناها خلال السنوات الأخيرة، تلك التي أدارت الإعلام بخبث وعنف لعبة تخريب البلدان، وتجييش الشارع العربي..
وفق أدوات لم يعد مهماً مدى مصداقيتها، بل المهم أن تتمكن من التجييش وانجاح هدف رسم بإتقان، قد تمضي أعوام قبل أن تكشف كواليسه، حينها يكون قد تم تحقيق أهدافهم المؤذية…
بالتأكيد الإعلامي في هذا كله أصبح هو الآخر يعاني، أولاً من تقلص الاهتمام بدوره، وثانياً من تغيير آلية التعاطي مع الحقائق والمبادئ، وما بين ذاته التي غالباً تتناقض مع اللعبة الإعلامية، والمصلحة التي تتطلب منه التغاضي عن الحقائق، يضيع تماماً، ومع استمرار اللعبة يفقد ذاته إلى الأبد…
ونحن نحتفل كل عام (15) آب، بعيد الصحافة السورية، لا يمكننا أن نفصلها عن كل التغيرات التي يعيشها الإعلام، والنقلة نحو إعلام بديل، حتى الآن تغيب ملامحه الواضحة..
كل ما نتمناه أن نتمكن ونحن نخطو ببطء خارج حربنا الكارثية، أن نلملم أولاً شتات ذواتنا كفعل فردي، لابد منه، ومن ثم الانتقال إلى الحالة الجمعية، ولكنها لن تنجح إن لم تتبنها وتدعمها مختلف الجهات المعنية، بإعلام لايمكن له أن ينجح بالتعاطي مع القضايا الهامة، إن لم يحمِ ويحصن العاملين فيه من كل هذه السيولة والهشاشة التي تحيط بهم…!