الثورة – أيمن الحرفي:
يمر الطفل بمراحل متعددة عند نموه وكل مرحلة تتطلب منا التحضير والتعامل بشكل مدروس ولعل أهم وأخطر هذه المراحل هي مرحلة المراهقة، نقول خطيرة لما يشوبها من تغييرات نفسية وجسمية وتختلط فيها المشاعر والأحاسيس والإعداد الجيد لهذه المرحلة كفيل بنجاحها وعبورها بلا مشاكل و لا مخاطر. هذه العلاقة بين الأهل وأولادهم المراهقين عبر عنها ( بيكول بريور ) “إنما هي مرحلة صعبة تعيد الراشدين إلى مراهقتهم الذاتية، وتتيح لهم أن يحيوها من جديد بصورة مؤلمة، ولكنها أيضاً في بعض الأحيان غنية محررة، فهل بوسع هذه المرحلة أن تسمح بولادة جديدة للوالدين” فما الذي يمنع الأم من الجلوس مع ابنتها ومحادثتها عن التغييرات التي ستطرأ عليها في هذه المرحلة؟ متغيرات في جسم الإنسان وفوارق نفسية وفيزيولوجية وتطورات في الأفكار و الأحاسيس، وما الذي يمنع الأب من صداقة ابنه وتعريفه بأنه سيخوض مرحلة جديدة هي الشباب ومن ثم الرجولة وهذه المرحلة هي التأسيس لذلك فعليه ترك التصرفات الصبيانية والتفكير كشاب واع مدرك وقادر على تحمل المسؤولية ومواجهة الحياة. وإذا أجرينا مقارنة بين تربية الماضي والحاضر نرى أن أهلنا كانوا يفسرون لنا الكون، أما الآن فالأبناء يفسرون لنا الكون وما يجري فيه.
فهم يحللون ما يحدث من تطورات في المنجزات والأجهزة الجديدة ووسائل الاتصال، حتى أنهم يفسرون التطورات في الأدمغة الإلكترونية والكيمياء البيولوجية. ما الحل إذاً؟ يقول (تيرنس): “من الأفضل أن تشد أولادك نحوك بالاحترام والرقة بدلاً من شدهم بالخوف و السلطة “هذا عن علاقتنا بأولادنا أما علاقة المراهقين بالمراهقات فتقول الاختصاصية النفسية(إيمانويل ريغون): “إنهم على استعداد دائم للمواجهة فهم يكبرون بتربية مختلفة وكأن كلاً منهم على كوكب مختلف ويقل التبادل فيما بينهم بهذه الفترة عما كانوا عليه عندما كانوا أطفالاً، وتثير التغيرات الشكلية في كل منهم إحساساً بالضيق في داخله كما تثير حشرية الجنس الآخر الذي يلاحظها كخشونة الصوت و نمو اللحية والشارب عند الشباب، وهذا العالم الصغير الذي يتغير بنظر كل منهم، قد يحرك خشيتهم ونوازعهم المختلفة وللدفاع عن أنفسهم ( ضد) هذه الإحساسات فقد يلجؤون إلى ردات فعل عدوانية” لذا من الأفضل توجيه الأهل للمراهق بعدم التعامل مع الفتيات بخشونة وتنبيهه إلى عدم التلفظ بكلمات ضد الطرف الآخر، بل عليه النظر إليها نظرة احترام، فهناك من وصلت إلى العالمية في الرياضة ( كالتنس) ومن قادت الطائرة ومن اخترعت أشياء مفيدة للانسانية. فهي الأخت و الأم التي تمنح الراحة للجميع من خدمات مختلفة كالطعام والنظافة والترتيب ليستطيع تأدية أعماله الأخرى باهتمام ونجاح. وليست تلك التي تصورها الإعلانات التي تضع المرأة في قالب واحد هو الجسد، فالدعاية هدفها التسويق فهي ليست سهلة المنال… قد يفهم الفارق عندما نساعده ونشرح له الفرق بين الدعاية وحقيقة المرأة. وكلمة السر للتعامل مع هذا العمر هي الحب فالمراهق يحتاج إلى الوالدين بنفس المقدار إن لم يكن أكثر من حاجة الطفل إليهم، أما حاجته من نمط آخر، لذا فالتجارب الحياتية هي امتحان لأصالة حبكم، فهل أنتم تحبونهم من أجل رضاكم الذاتي. أم من أجل صورتكم التي كان يعكسها لكم بمسايرته عندما كان طفلاً؟ أم أنكم تحبونه مختلفاً عنكم؟ باختصار هل تحبونه من أجل نفسه؟ أهم ما يمكن قوله: إن العلاقات بين الأهل وأولادهم المراهقين هي علاقة بين جيلين يجب أن تتوج بقناعة أن الحاضر امتداد متطور للماضي وينابيع الماضي ما زالت قادرة على العطاء بوافر مائها، والتباين في المفاهيم تختفي حدته إذا ما زالت قادرة على العطاء بوافر مائها، والتباين في المفاهيم تختفي حدته إذا تسلح الجيلان بقناعة أن الماضي هو أساس البناء و عليه ترتفع أعمدة الحاضر، و هكذا تتعانق معطيات الماضي و الحاضر تحت خيمة استمرار الحياة فلا ينكر جيل على سابقه قيمه وتقاليده و لا يستخف السابق بمفاهيم الحالي تصوراته فكلاهما يرتشف من نبع الحياة ذاتها و من ثم يلتقيان في مصب يوحدهما ولكل من الجيلين نصيبه في إغناء الحضارة الإنسانية و تطورها كل حسب معطياته الزمانية.