” طنين الإعلام “

 

الصحافة بعد أن فُتح لها باب النشر الإلكتروني تضاعف تأثيرها، واتسعت أبوابها.. والإعلام بكل قنواته أصبح قوة لا يستهان بها في تشكيل الرأي العام، ونقل صورة الأحداث، وما يجري في ساحاتها.. والحدث الساخن يجد له عوضاً عن طريق واحدة ألف طريق غيرها للوصول الى أكبر شريحة من الناس.. فالفضائيات لا تهدأ، وصناع الخبر يتربصون بالمرصاد لكل ما يمكن أن يعثروا عليه لتتم صياغته كخبر يخرج إلى العلن مهما تضاءل شأنه، أو عظم.

وقديماً درسنا في الكتب المدرسية عن ظاهرة فيزيائية تسمى بالطنين أو الرنين الذي اكتشف تأثيره (جاليليو جاليلي)، وهي تلك الاهتزازات المتواترة بقوة بحيث تكون كافية لتدمير الجسم المادي الذي طالته.. وها هي ظاهرة الطنين تتسرب في عصرنا الحاضر إلى مسارات غير مادية، أو أجسام غير فيزيائية لتصيبها بالاهتزازات العميقة التي قد تودي بها.. والإعلام أولها فالأخبار المتواترة التي تضج بها الفضائيات، والصحف، والمجلات بآن معاً، وما تستقطبه إليها المواقع الإلكترونية تكاد تشبه ذلك الجسر الخشبي الذي انهار تحت وقع أقدام الجنود عندما بلغ الاهتزاز فيه درجة أعلى من قدرته على التماسك.. والأخبار تتطاير من هنا وهناك منها الغث ومنها السمين ومنها ما تُسلط عليه الأضواء، وتصطاده مهما بلغ من السطحية، والتفاهة، ومنها ما يسقط في الزوايا المهملة مهما بلغ من خطورة وأهمية.

إنها لعبة الإعلام إذن التي يتقنها في عالميته ليوجه الأنظار حسب بوصلته، ويدع الجسر الذي يصل بينه وبين قنواته على مستوى العالم يهتز برنين متصاعد، ولا يهم إذا ما انقطعت حبائل هذا الجسر، أو تهدم ليسقط مادام الخبر المرصود قد ذاع، وانتشر عبر فضاءات الدنيا.. وكم من المؤسسات الإعلامية، والقنوات الفضائية تعثرت بهذا الفخ حتى فقدت مصداقيتها لدى مشاهدها بما يكفي لأن يتحول عنها إلى أخرى غيرها.

والرنين، أو الطنين لا يكتفي بنشر أخباره فقط بل بالإلحاح عليها، وكأنه إعلام التشهير، وفرد الصفحات الصفراء على أوسع مدى.. والمنابر الإعلامية وقد اتسعت ساحاتها لا توفر فرص استغلال الأخبار، والمعلومات ولو كانت من الضحالة بمكان، أو كانت على درجة متواضعة من مصداقيتها.

وأعداء أمتنا في أي مكان لا يتوانون عن الدفع بما هو زائف من الخبر، أو اختلاقه اختلاقاً ليصبح حدثاً من لا حدث، ومن المعلومة المضللة مما يطغى على الحقائق، حتى تتحقق الغايات منها، وتبلغ الأماني منتهاها، والإعلام يضخ، والمتلقي يتلقى دون رقيب، ولا حسيب.

والسقطات الإعلامية لم تعد مستغربة، وقد يعقبها نهوض حتى ولو كان متعثراً بادئ الأمر ليمحو تلك السقطة من ذهن المتلقي الذي أصبح يتلقى الأخبار من كل حدب وصوب حتى كاد يضيع في زحمتها، ويتشتت ذهنه عن كل ما يتلقفه.. بينما النهر يستمر في تدفقه كذباً، أو صدقاً لا فرق مادام سريانه قائماً لا يتوقف.. فالحدث مهما بلغ من أهميته، أو من تفاهته، واستقطابه للاهتمام سوف ينتهي، ويرمى به بعد انتهاء صلاحيته في الساحة الخلفية كأي مادة مستهلكة ليحل محله حدث جديد آخر بينما الناس ينسون، أو يتناسون، وهم يستقبلون ما خُصص لبثه لهم.

وحديثاً وبعد أن أصبح العاديون من الناس يصنعون الخبر على هواهم على مواقع التواصل، أو غيرها فقد تسللوا من خلال أخبارهم هذه إلى وسائل الإعلام لتأخذ بها، وتبثها في إعادة تدوير لما يدور بين الناس، وأحياناً قبل التأكد من صحة ما يُنشر، ويُذاع فتختفي المهنية، ويطغى الحدث الصغير على الحدث الكبير وينال ذلك الصغير حجماً أكبر من حجمه بكثير لاسيما إذا غاب الإعلام المتخصص بمعالجة الأحداث، أو غابت المهنية التي تفرز، وتقيّم قبل أن تصدّر أخبارها للعالم.. ليعلو الطنين، والضجيج بالتالي، ولو هبط الجسر بالجميع قبل أن تخمد ترددات الاهتزازات الحرة وتعود إلى انضباطها.

* * *

آخر الأخبار
٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب