حزمة من البديهيات الحاضرة ينبغي ألا تغيب عن مؤسسات صنع القرار في حلف الغرب الذي يدير حرباً ضد موسكو على الأرض الأوكرانية، ويطمح إلى توسيعها إلى خارج تلك الأراضي، وينبغي أن تتفهمها دول العدوان على سورية، من تلك البديهيات بقاء الاهتمام الروسي بالوضع في سوية كثابت لم يتأثر بالحرب في أوكرانيا.
سورية تواصل رفض المشروع الغربي الذي يريد الهيمنة على المنطقة والعالم، وكسر الذراع الروسية من خلال ما يحصل في أوكرانيا، وكذلك رفض أي سلوك أو قرار أو مشروع يمس سيادة السوريين واستقلالهم ووحدة وسلامة أراضيهم.
فالمشروع السوري وطني بامتياز ومستقل ومنحاز إلى الشعب ومصالحه، لا إلى الغرب ومطامعه، وبالتالي فلن يصل الغرب إلى مراميه وأهدافه، التي بمجملها تقع في دائرة الخبث وتتخذ شكلاً له بريقاً كاذباً بلا مضمون حقيقي.
ومن الأمور التي لا لبس فيها وواضحة وضوح الشمس في عز الظهيرة أن من أهم أهداف الحرب الأوكرنية وإشعال فتيلها بأيدي الغرب واستدامة تفجير براميل البارود من حولها، هو إشغال روسيا عن العديد من القضايا والأزمات والأوضاع المهمة ومنها الوضع في سورية، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رد على أوهام الغرب بأن موسكو فقدت الاهتمام بالقضايا المهمة في المنطقة والعالم ومنها الوضع في سورية فجدد تمسك بلاده بخطها الثابت تجاه دمشق وفي إيجاد حل سياسي شامل للأزمة في سورية.
لافروف وجه رسالة شديدة الوضوح من موسكو لجوقة الغرب وأصحاب الرؤوس الحامية فيه عبر قوله للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون “في الآونة الأخيرة قام بعض زملائنا الغربيين بنشر معلومات مفادها أنه في سياق العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا فقدت روسيا اهتمامها بالوضع في سورية ولكن هذه العبارات غير مجدية على الإطلاق ولا تعكس خطنا الثابت في السعي إلى حل سياسي شامل للأزمة في سورية بما في ذلك دعم مهمة الأمم المتحدة”.
الرسالة الروسية بثبات موقفها من سورية وصلت سريعاً للغرب، مع مجموعة من الرسائل في ضوء استمرار الغرب في تسييس الوضع الإنساني واستغلاله بأبشع الصور، والتمادي في العقوبات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب، فطرحت روسيا عبر خارجيتها أمام بيدرسون التركيز على دفع العملية السياسية التي تقودها سورية بمساعدة الأمم المتحدة وتعزيز الوضع الاقتصادي والاجتماعي فيها، وضرورة تقديم المساعدات الإنسانية لجميع السوريين دون تمييز وتسييس أو شروط مسبقة وعلى أساس احترام سيادة البلاد واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها.
على الولايات المتحدة وحلفائها عدم الاستهانة بروسيا كدولة عظمى، وفرض العقوبات الاقتصادية ومحاولة إشغالها، والاستفراد بالقرار العالمي، والسطو على ثروات العالم واحتلال أراض الغير بغير وجه حق، فالحصار والعقوبات لن تفيد في كسر شوكة موسكو المناهضة لأطماع المعسكر الغربي الذي توهم بأنه حرف روسيا عن مسارها وأشغلها بحرب أوكرانيا عن قضايا مهمة، فكان صوت لافروف بوقاً مدوياً أيقظهم من أحلامهم وكذبهم ونشرهم المعلومات المغرضة والمضللة ضد خصومهم.