يتجاوز العدوان الإسرائيلي على مطاري دمشق وحلب المزاعم المعروفة من كيان العدو الذي يستهدف الطيران المدني ومنشآته لزيادة حدة التوتر والتصعيد في المنطقة في انتهاك غير مسبوق وصارخ للقانون الدولي.
إن الأخطر من هذا العدوان هو الصمت الدولي عليه، وكأن استهداف المطارات المدنية أصبح أمراً خاضعاً لوجهات النظر وإن حياة المدنيين تختلف من منطقة لأخرى، وما هو محظور في جغرافيا سياسية معينة متاح في مناطق أخرى.
في عدوانها الأخير على مطاري حلب ودمشق لم تستهدف إسرائيل شحنات أسلحة إيرانية ولا مقاتلين من حزب الله أو منظمات فلسطينية كما كانت تزعم سابقاً، وإنما أرادت أن تعطل عمل المطارين المذكورين غير مكترثة بحياة المدنيين والقوانين الضامنة لسلامة الطيران المدني.
إن تكرار الاعتداءات الإسرائيلية على المنشآت المدنية في سورية يحمل في طياته تحقيق عدة أهداف يمكن تلخيص بعضها بالنقاط التالية:
1- إضعاف القدرات العسكرية والاقتصادية السورية وتدمير ما عجزت عنه أدوات رعاة الإرهاب الإرهابية بغطاء عربي – أميركي وصمت دولي.
2- تعطيل المحاولات السياسية الرامية إلى إصلاح ذات البين بين الدول العربية واستعادة التعاون العربي لدوره في حل القضايا العربية.
3- تعكير الأجواء على المحاولات الرامية لتوقيع الاتفاق النووي الإيراني.
4- محاولة جر دول محور المقاومة إلى معركة يستطيع من خلالها كيان العدو تعطيل أو تأجيل الملفات التي يعتبرها خطيرة عليه.
5- إدامة حالة عدم الأمن والاستقرار في المنقطة واستخدامها في الاستفراد بالتأثير على دولها من خلال الولايات المتحدة.
حتى اليوم يحاول قادة هذا الكيان من خلال استهداف المنشآت المدنية السورية وتهديد نشاط وحركة الطيران المدني الإيراني إلى سورية الوصول لمبتغاهم بجر المنطقة إلى حرب جديدة وهم في سباق مع الزمن مع التطورات الأخيرة في ملف الاتفاق النووي الإيراني، ولذلك لا يستبعد أن تتوسع الاعتداءات الإسرائيلية لتشمل قطاعات أو مناطق أخرى في المنطقة سعياً للمحافظة على الواقع غير المستقر والمتوتر الذي عاشته المنطقة خلال عشر ال سنوات الماضية، واستطاعت من خلاله إسرائيل تحقيق أهداف سياسية وعسكرية تعتبرها مهمة للحفاظ على أمنها وإطالة أمد عمرها في المنطقة.
من الواضح أن دول وقوى محور المقاومة على دراية كاملة بما تسعى إليه إسرائيل ويتصرفون سياسياً وعسكرياً على هذا الأساس وفق إستراتيجية تضمن عدم ملاقاة إسرائيل في المعركة أو الساحة التي تريدها وإفشال جهودها لتخريب التفاهمات السياسية والأمنية والاقتصادية لحل عدد من الأزمات التي يشكل استمرارها خطراً على كل دول المنطقة.
يتم تحديد خيارات الرد على العدوان الإسرائيلي من محور المقاومة بشكل محسوب ودقيق ومضمون لتفويت الفرصة على كيان الاحتلال في إعادة المنطقة إلى ذروة اللااستقرار وعدم استغلال حالة الوضع الدولي الذي فقد كل مقومات التأثير جراء الصراع المحتدم بين القوى الكبرى ومحاولة الولايات المتحدة الاحتفاظ بهيمنتها على العالم.
إن الأصوات الداعية للرد على العدوان بالطريقة ذاتها هو ما تسعى إليه إسرائيل بالضبط، وبالتالي تحقيق أهدافها، ولكن ما يسعى إليه محور المقاومة هو الرد بالشكل الذي يؤذي هذا الكيان على كل المستويات وليس توفير الفرصة لهذا الكيان ليفرض خياراته العسكرية والسياسية.
وأيضا يأخذ محور المقاومة في الاعتبار الظروف الإقليمية والدولية والتي تتيح لإسرائيل استباحة كل شيء بغطاء أميركي وغربي وضعف وتشتت عربي غير مسبوق، وهذا يستدعي من جميع الدول والقوى اليقظة والتنسيق والتعاون لدفع إسرائيل إلى تغيير سياساتها ومراجعة حساباتها.