جرائم (قسد) بحق أهالي منطقة الجزيرة، لم تتوقف عند حد ترهيبهم والتنكيل بهم، وسرقة ممتلكاتهم وتهجيرهم، والعمل على تجنيد أبنائهم قسرياً في صفوف ميليشياتها العميلة، وإنما تصل تلك الجرائم إلى حد حرمان أبناء المنطقة من حقهم في التعليم، كما هو حال أطفال محافظة الحسكة اليوم، والذين يعانون من الوصول إلى مدارس وزارة التربية السورية البعيدة عن مناطقهم، بعد أن منعتهم ميليشيا العمالة من الوصول إلى مدارسهم المنتشرة في أحيائهم، في سياق استهدافها المتواصل لقطاع التعليم، وهذه تعتبر جريمة ضد الإنسانية بحق عشرات الآلاف من التلاميذ والطلاب.
في المقابل يعكس مشهد إصرار أهالي الجزيرة على تعليم أبنائهم ضمن المدارس الحكومية التي تعتمد مناهج وزارة التربية، وجهاً آخر لصمودهم بوجه ممارسات إرهابيي (قسد) ومشغلهم المحتل الأميركي، حيث يقطع أبناؤهم مسافات طويلة سيراً على الأقدام للالتحاق بالمدارس الحكومية القريبة، وهذا تأكيد واضح على تمسكهم بمناهجهم المدرسية الوطنية، وعلى رفضهم المطلق للمناهج التدريسية التي فرضتها (قسد) – خلافاً للمناهج الرسمية لوزارة التربية السورية- بهدف تعزيز فكرها الانفصالي، ونشر الجهل والتخلف بما يخدم سياسة قوات الاحتلال الأميركي.
ميليشيا (قسد) وفي إطار حربها المعلنة على قطاع التعليم، كانت قد أغلقت في السابق آلاف المدارس الحكومية في منطقة الجزيرة، وحولتها إلى سجون ومقرات عسكرية وقواعد غير شرعية لقوات الاحتلال الأميركي، وإذا قارنا هذه الجريمة، مع الجرائم التي سبق وارتكبها تنظيم داعش الإرهابي بحق الأوابد التاريخية، نجد أن كلا التنظيمين الإرهابيين (قسد وداعش)، يستهدفان الهوية والذاكرة الوطنية السورية، ما يعكس طبيعتهما الظلامية والإجرامية، حيث إن استهداف الإرث والمخزون الثقافي والحضاري لسورية هو هدف أميركي وصهيوني بامتياز، وهذا دليل إضافي على الارتباط العضوي بين ميليشيا (قسد) وبين القائمين على تنفيذ المشروع الصهيو-أميركي الذين اتخذوا من تلك الميليشيا بديلاً عن (داعش) في مرحلة لاحقة من مراحل الحرب الإرهابية على سورية.
سياسة التصعيد التي تنتهجها ميليشيا العمالة، هي رسالة أميركية واضحة تحمل في طياتها مضامين قوية تؤكد على نية إدارة بايدن مواصلة دعم الإرهاب في سورية، والعمل على تكريس وجود هذه الميليشيا كواجهة لمشروع تقسيمي تريد من ورائه واشنطن تثبيت احتلالها لأجزاء من الأرض السورية في إطار إستراتيجيتها التوسعية في المنطقة، ولكن من المؤكد أن هذا المشروع العدواني لن يكتب له النجاح أبداً، في ظل إصرار الدولة السورية على استعادة كل ذرة من ترابها وتحريرها من رجس الإرهاب، وفي ظل تنامي المقاومة الشعبية ضد الوجود غير الشرعي لقوات الاحتلال الأميركي، ومن المؤكد أيضاً أن ميليشيا العمالة، سرعان ما ستجد نفسها مرمية على قارعة الطريق فور انتهاء صلاحيتها، فواشنطن معروفة بالتخلي عن أدواتها وعملائها عندما تقتضي مصلحتها ذلك.