جملة من النقاط المهمة والبارزة، أكدت عليها قمة دول منظمة شنغهاي للتعاون في ختام أعمالها بمدينة سمرقند في أوزبكستان، تشير بكليتها إلى أن النظام العالمي متعدد الأقطاب يثبت دعائمه بسرعة لافتة، في ظل التحولات والمتغيرات الدولية المتسارعة، وقد تشكل هذه المنظمة الدولية أساساً متيناً لبناء النظام العالمي الجديد، فهي وفق تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “أصبحت أكبر منظمة إقليمية في العالم، وتعمل على زيادة دورها في حل المشكلات الدولية والإقليمية”.
دول المنظمة أكدت”ضرورة الدفاع عن نظام عالمي أكثر عدلاً، وتشكيل رؤية مشتركة لـ (مجتمع يجمعه مصير مشترك للبشرية)، وأنها منفتحة على التعاون الواسع وفقًا لمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك عزمها زيادة التعاون في مجالَي الدفاع والأمن، ووضع قائمة واحدة للمنظمات الإرهابية والانفصالية والمتطرفة”، ما يعني أن دول هذه المنظمة تحمل كل المقومات التي تخولها أن تكون قطباً عالمياً مسؤولاً، ولعب دور كبير بإحداث تغيير سريع في العالم لمصلحة الشعوب التي تناشد العدل والمساواة، وهذه الدول تمتلك القدرة اللازمة أيضاً لإحداث مثل هذا التغيير، حيث إن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في البلدان الأعضاء في هذه المنظمة، وفق كلام الرئيس الروسي، ويتم إنشاء نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي، فيما تتركز إمكانات فكرية وتكنولوجية قوية، وجزء كبير من الموارد الطبيعية في العالم في دولها.
أهمية قمة منظمة شنغهاي في هذا التوقيت، أنها جاءت وسط ما يشهده العالم من مخاض ولادة نظام دولي جديد، وهذه المنظمة الدولية لا شك ستشكل إلى جانب مجموعة “بريكس”، وغيرها من التحالفات الإستراتيجية بين الدول المناهضة للسياسة الأميركية، مركز ثقل نوعياً يواجه سياسة الهيمنة الاستعمارية التي تلهث الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيون لإعادة تكريسها على الساحة الدولية، وبالنظر إلى النقاط التي ركز عليها بيان القمة، فإن العديد من الدول الأخرى المستهدفة بنيران الغطرسة الأميركية سترى مصلحة شعوبها في الانضمام إلى جانب دول منظمة شنغهاي في تصديها للسياسة الغربية، لاسيما أن هذه المنظمة تنطلق من مبدأ ضرورة التمسك بقواعد القانون الدولي، والميثاق الأممي للحفاظ على عالم متوازن، خلافاً للغرب الراكض وراء فرض قواعد خاصة وفق مفهوم قانون شريعة الغاب، وهو ما ترفضه جميع الدول المتضررة من السياسة الأميركية والأوروبية.
الولايات المتحدة فقدت مكانها القيادي، وباتت محشورة في زاوية المنافسات الخاسرة على صعيد النفوذ العالمي، ولا ريب أن كل إجراءاتها العسكرية والسياسية على مختلف الجبهات الدولية، ستبقى عاجزة عن إجهاض ولادة نظام عالمي متعدد الأقطاب، تقوده الدول الحرة، المحبة للسلام والأمن والاستقرار.