تقلب الفكرة موازين الأمور وموازين القوى العالمية.. إشعاع الفكرة يمكن أن يغطي العالم أو مساحة كبرى منه.. عندما تتمكن الفكرة من القادة وصناع القرار في بلد ما، يمكنها وضع حدّ لأعدائه في جميع الاتجاهات. فتبتعد الهيمنة عن البلد ويستعيد استحواذ قدراته ومقدراته.
لكن الفكرة قد تكون مدمرة بالضربة القاضية، نظريات بعض المفكرين حَكَمَتِ العالم، وتمكنت من بعض أصحاب القرار ممن اعتنقوها وآمنوا بها. كالنظرية الرابعة ورائدها دوغين الذي ولَّد فكرةً تبنتها بعض الأطياف العالمية.. فبات يخشاها البعض لأنها تتجاوز الحداثة وأزماتها.
أوروبا التي التحقت بالمؤخرة الأميركية لم تع ماذا تخطط لها أميركا.. وإلى أي منحدر تهوي بها مع الحرب الروسية الأوكرانية ونتائجها. الغاز مقطوع عنها وهي تعتمد عليه كلياً كمصدر للطاقة في بناها التحتية.. بينما أميركا تتاجر بها وبسياساتها من خلال أزمة الغاز والكهرباء..
ناقوس الخطر يدّق في أوروبا من حدوث أزمة الطاقة، ما يجعل الأوروبيون يخشون استمرار الحرب. ورغم زيادة التحذيرات لها، نجدها تتشدد بفرض العقوبات على روسيا والضغط على موسكو، مصطفة مع واشنطن إرضاءً لها. رغم ما سيقع عليها من عواقب اقتصادية وخيمة..
لم يشعر الأوروبيون بالأزمة الحقيقية لأن الشتاء القارس لم يبدأ بعد.. لكن بدأت ملامح الأزمة تنجلي بزيادة سعر الكهرباء، الذي سجّل رقماً قياسياً، ارتفعت فيه تكلفتها عشرة أضعاف، في ألمانيا عن العام الفائت في التوقيت نفسه.. وكذلك الزيادة الملحوظة في سعر وقود السيارات.
مع موجة الحر والجفاف في أوروبا بدأت أعطال الكهرباء، وبسبب قطع الغاز الروسي، دخلت أوروبا في أزمة للطاقة. ما أثر اقتصادياً على معظم دول أوروبا، حيث ارتفع سعر الكهرباء على الأقل خمس مرات.. ما حطّم الرقم القياسي في الارتفاعات المتعارف عليها..
روسيا جادة في عدم بيع الغاز لأوروبا، وقطع امدادات الطاقة التي تحتاجها الصناعات الأوروبية.. الأوروبيون على صفيح ساخن خشية الوقوع في أزمات خدمية.. الحكومات الأوروبية لا تسعى لحل المشكلة، مشددة مواقفها ضد موسكو. فرحة باستعداد أميركا لتزويدها بالطاقة.
هذا ما أعلنه بايدن أمام الملأ في خطابه مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية.. حين طلب بفتح آبار البترول، مشيراً أن نيويورك ستتحمل وحدها تكلفة الطاقة رغم ارتفاعها بخمسة أضعاف تكلفتها في روسيا. علماً أن العالم وأميركا بالذات تتحكم بمقاليد أمورها الصهيونية العالمية.
نيويورك وحدها تحوي 5 ملايين يهوديا، من أصل 8 ملايين عدد سكانها الكلي، المفكرون الأميركيون يتوجسون خراب أميركا على يد الصهاينة الذين لا يطمئنون لتطمينات بايدن، التي يعتبرها الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين، غير كافية لمنحه الثقة من أجل حفظ أمنهم..
تسقيف سعر النفط الروسي، وتقليص مداخيل روسية من النفط، تتحدث عنهما جانيت يلين وزيرة الخزانة الأميركية، عرابة فكرة خفض سعر النفط الروسي من خلال الغرب، وتوحيد السعر مما يغطي تكاليف المنتج فقط. حيث تكلفة البرميل الواحد تتراوح ما بين 4/ 5 دولارات.
خطة دول أوروبا أن لا تدفع أكثر من 25/ 30 دولاراً للبرميل الواحد.. للإضرار بموازنة موسكو والضغط عليها اقتصادياً، حتى لو كان السعر العالمي 100 دولار للبرميل. لأن مدخولها من النفط يعادل 3/1 موازنتها.. رغم ذلك ستبقى اقتصادياً مرتاحة رغم حالة الحرب التي تمرّ بها.
تقليص مداخيل النفط مع الوقت سيهدد الاقتصاد الروسي.. هذا ما تسعى له أميركا كخطوة هامة لتدمير روسيا، وإفراغها من قوتها. رغم ما تكبدته من أضرار اقتصادية جراء فتحها آبار النفط ،المهم أن تظل العصا الأميركية وحدها هي التي تهوي على رؤوس دول العالم. وتبقى وحدها صاحبة السوط الذي يلهب ظهور أبنائها.. ما أخطر أن تطرح فكرة مدمرة، والأخطر تبنيها