يلفت نظرك في الأخبار المتداولة عن الفنان المصري هشام سليم الذي رحل نهاية الأسبوع الماضي، أنه رفض العلاج من المرض الخبيث الذي أصاب رئتيه…!
لا نعرف طبيعة الحالة، ولا نوع المرض ولا درجته، وخاصة أن الفنان آثر العزلة وعدم الرد على هاتفه، والأخبار القليلة الواردة لا ندرك مدى صحتها.
كيف فكر في هذا الوقت المرعب، حين يعلم المرء أنه على مقربة من الموت، لماذا اتخذ قرار ألا يجعل تلك المواد الكيميائية تقترب من جسده، المشبع بالفن حتى الثمالة…؟
هل أيده المقربون… هل احترموا قراره…؟
كأننا نعيش مع دور مبدع جديد، يتفوق على دور “مدحت” في فيلم امبراطورية ميم، أمام فاتن حمامة، ولكنه لن يتفوق يوماً على “عادل البدري” في ليالي الحلمية، فستة أجزاء من ليالي الحلمية ” 1989-2016″ كانت كفيلة بنقله إلى مستوى فني نعيش فيها مع تحولات الشخصية التي صاغها أسامة أنور عكاشة ضمن حبكة درامية لا تنسى.
بعد الآن لن يعود الابن الضال، ولن يعاني من تنميط فني، أصر المخرجون على قولبته كابن ثري مدلل… وحين كان يتمرد سرعان ما يعيدونه.
لقد اختار أن يرحل وهو يصارع بشجاعة، لم يخسر معركته، كان قد استبق المرض، وأعلن فوزه مراراً في كل تلك الأعمال التي ستتناثر على الشاشات ما حيينا، مؤكدة أن الروح تبقى، والمعنى يتعزز، حين يكون الفنان عاشقاً حقيقياً لفنه، تتلبسه روح مختلفة، يعايش فيها زمناً فنياً مختلفاً.
حين نفقد فناناً حقيقياً حتى لو لم نعرفه يوما سوى على الشاشة فإننا نشعر أننا فقدنا عزيزاً، لكن الفرق مع فنان موهوب أنه ترك لنا إرثاً فنياً ستختزنه ذكرياتنا، كلما أردنا نفض الغبار عن حالات تعترينا نلجأ إلى رفوف فنية لنعي أن الأعمال التي حاكتها قلوب وأحاسيس مبدعين راحلين، منظمة تلقائياً في مكتبة ذكرياتنا الخاصة نحتفظ فيها في ركن لا يدخله سوى من كان جديراً بالبقاء.