تجود أرض سورية بخيراتها مواسم زراعية كثيرة ومتنوعة تشد كل من سنحت له فرصة المرور بقرب تلك الأراضي ومشاهدة التفاح والحمضيات بأنواعها تتدلى بكثافة من الأشجار وتدعوهم للتساؤل فعلاً كما حال كل المختصين وأصحاب الشأن بأنه ورغم ما رافق عملية الإنتاج الزراعي من ظروف صعبة تبدأ من قلة المواد الأولية وغلاء أسعارها الكبير ولاسيما أن جلها يؤمن من السوق السوداء وليس انتهاء بالظروف الجوية القاسية التي أثرت بدورها في الإنتاج ببعض المحافظات.
تتصدر المشهد نقطة الضعف الأكبر في مراحل العملية الإنتاجية وهي تسويق موسم المحاصيل الزراعية بطرق مدروسة وفاعلة تعود بالفائدة على الفلاح والاقتصاد على حد سواء ومعها ترتفع مجدداً أصوات المزارعين مطالبة الجهات المعنية بضرورة التدخل الفوري لاستثمار مواسم الخير تلك وعدم هدرها كما في مواسم سابقة عديدة وحرمان الفلاح من اكتمال فرحته بوفرة الموسم مع ما يحمله ذلك من توقعات بعائدات مالية تعينه على الاستمرار والعودة بقوة وعزيمة لزراعة أرضه مجدداً.
معطيات ومؤشرات الواقع على الأرض وتصريحات عدد من المسؤولين بالمجمل لا تدعو للتفاؤل والإجراءات والخطوات الاستباقية والتحضيرات عالية المستوى للتعامل مع كل موسم وفق ظروفه تبدو متواضعة، ما يثير المخاوف بأن عملية التسويق داخلياً وخارجياً ستتعرض للسيناريوهات السابقة نفسها من عراقيل وصعوبات ولعل المثال الحاضر هنا ما حصل في موسم تسويق التفاح الحالي وخيبة أمل المزارعين في محافظات عدة من عدم قدرتهم على تسويق إنتاجهم حتى للسورية للتجارة، ما استدعى الكثير منهم التوجه لأسواق الهال أو وضع محصولهم في البرادات الخاصة وما يترتب على ذلك من ارتفاع تكاليف وبالمحصلة المعادلة تفيد بخسارة عدد كبير من المزارعين وارتفاع سعر المادة على المواطن في الأسواق.
نعم يدرك الجميع أن عمليات التصدير تعترضها العديد من الصعوبات والمشكلات نتيجة الوضع في البلد والضغوطات الاقتصادية ولكن أن يستمر هدر مواسم استراتيجية بحجج وأسباب غير منطقية أمر لم يعد مقبولاً لأن مجالات ومساحات العمل لتجاوز العراقيل عديدة ومتاحة أمام أصحاب القرار وموسم الحمضيات الحالي في بدايته وتكرار حالة الفشل في تسويقه كما السنوات السابقة تعني عجز فكر ورؤية ومبادرات الجهات المعنية بالملف لإيجاد منافذ جديدة لتسويقه.