منذ أكثر من ستين سنة وربما أكثر قليلاً نشر الراحل منير الشريف كتاباً صحيح أنه ليس كبيراً بحجمه لكنه بما فيه يمثل قيمة كبرى.. حمل عنوان قضية الأرض في سورية.
استعرض فيه الدور الكبير الذي أداه السوريون عبر التاريخ في استثمار الأرض ونقل الزراعة إلى العالم وليس هذا فقط بل كيف عملوا على إحياء الأرض أينما كانوا وحلوا.. وبالوقت نفسه ماذا انتجوا وكيف أنقذوا البشرية من مجاعات..
وفي التاريخ معروف أن أباطرة روما كانوا يقولون: حوران إهراءات روما.. أي مستودعات قمحها فإذا لم تزرع حوران وتحصد تجوع الإمبراطورية على الرغم من اتساعها…
اليوم تتضح الحقيقة أكثر من أي وقت مضى فالتقدم التقني والعلمي بشتى الميادين مهما كان فلا معنى له إذا لم تكن السلة الغذائية جاهزة وحاضرة بل إذا لم يكن لدى الدول مخزون يقيها شر القادم..
وقد اتضح هذا أكثر مع الحرب الوقائية التي يقوم بها الاتحاد الروسي دفاعا عن شعبه..
اتضح أن الغرب بكل ما يملكه من صناعات متقدمة هو على حافة المجاعة فما كان يستورده سواء من أوكرانيا أو الاتحاد الروسي هو الشريان الرئيس لاستمراره..
ودم هذا الشريان هو الزراعة وإنتاج الغذاء..
ثمة يقظة عالمية في العمل بدأب وإصرار على الزراعة واستثمار الأرض بأقصى طاقة ممكنة..
وبالتأكيد لسنا خارج هذا الكوكب، فإذا كنا يوماً ما نأكل مما نزرع ونصدر فنحن اليوم أمام مسؤوليات كبيرة ما من أحد خارجها، العمل على استثمار كل شبر وزراعة أي حيازة مهما كانت صغيرة.. هذه أبوة الأرض التي مهما بارت تطعم وتقينا شر الغوائل..
قد يسأل أحد ما وما مناسبة هذا الحديث؟..
بالتأكيد ستكون الإجابة أن ثمة وعي مجتمعي قد عاد إلى دوره في الاهتمام بالأرض وزراعتها والمواسم الخيرة التي تجود بها أرضنا من قمح وقطن وحمضيات وزيتون تشي أننا أدركنا وقبل فوات الأوان أن أمننا الغذائي هو الأكثر صلابة وضرورة وهو يبدأ من عتبة كل بيت إلى كل شرفة يمكن أن تزرع فكيف بالأرض ..هذه الأبوة التي تحصننا.