تظاهرة “أيام الفن التشكيلي السوري” التي تقام برعاية وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح، باتت بمثابة عيد للفن التشكيلي السوري، أسوة بأعياد الفن التشكيلي الموجودة في بعض البلدان العربية والأجنبية.
وأيام الفن التشكيلي السوري في موسمها الخامس2022 التي تحتفي بمئوية فاتح المدرس (1922ـ 2022) وتقام تحت شعار “سبعون عاماً من الحداثة”، تضعنا أمام مغالطات وإشكاليات كبيرة، لأن الحداثة التشكيلية بدأت مع ظهور اللمسات العفوية المشبعة بالضوء في أعمال الفنانين الإنطباعيين الأوائل، وفي مقدمتهم ميشيل كرشة، ولقد تأكد ذلك في المعرض الاستعادي الذي أقيم لأعماله في قاعة الفن الحديث بالمتحف الوطني منذ سنوات، حيث وجدنا له لوحات إنطباعية موقعة منذ نهاية العشرينيات، وهي موثقة بتواريخ إنجازها في دليل معرضه المذكور، وهو موجود لدينا. ولا شك أن وجوده في قلب العاصمة الفرنسية، ما بين عامي 1919 و1924 قد شكل في لوحاته هواجس الانتقال من حدود الرسم الكلاسيكي والواقعي، إلى طريقة الرسم بلمسات عفوية متتابعة ومتلاحقة، سجل من خلالها انطباعات تأملاته للمشهد، في خطوات الحركات الضوئية تحت وهج الشمس، حتى إننا نجد في بعض لوحاته التي أنجزها في تلك المرحلة تبسيط تعبيري وعفوية كبيرة.
وهذا يعني أن الإنطباعية السورية أو الحداثة السورية عمرها أكثر من تسعين عاماً، فالصياغات الإنطباعية في الغرب والشرق لم تتوقف عند تفاصيل العناصر والأشكال، أي أنها جاءت كصيحات رفض للاتجاهات التقليدية الكلاسيكية والواقعية والتسجيلية، وبالتالي شكلت أول درجة في سلم الحداثة التشكيلية.
مع الإشارة إلى أن عيد الفن التشكيلي، الذي يقام في دول عربية وأجنية، يترافق بإقامة وتنظيم مسيرات بالسيارات في شكل كرنفالات تحتوي على أعمال فنية كبيرة مسطحة ومجسمة، تخترق الشوارع في المدن القريبة والبعيدة، كما تتم خطوات تكريم الفنانين، وتوزيع كتب ومطبوعات عن أعمالهم، وسواها من الخطوات العصرية والمتطورة، والتي يمكن من خلالها دعم تجارب الفنانين، ودفعها خطوات إلى الأمام.
وهذا العيد أو الكرنفال الاحتفالي، الذي تعتمده بعض المؤسسات الغربية والعربية، هو برأي كبار الفنانين المعاصرين، يشكل ضمانة قادرة على إعطاء الفنان حقه، وتنمية نزعات الابتكار، في وجدانه وعواطفه ومشاعره.
ومن خلال هذا العيد تتاح للجماهير الاطلاع على الكثير من الأعمال ذات المستويات العالية والمتطورة، من خلال إقامة معارض فنية مفتوحة في الأماكن الشعبية العامة (ساحات، حدائق، صالات كبرى) ومن خلال تنظيم مسابقات عامة في الرسم والنحت وغيرهما، حتى لا تستمر حالات الخلط بين المبدعين والهواة.