محمد ياسين الصالح
وزير الثقافة
في قلب سوريا، حيث التاريخ يتكئ على حجارة العراقة، وحيث الروح الشعبية تتغذى من نهر العاصي، ينهض مشروع «أربعاء حمص» الثقافي كواحدٍ من أهم المشروعات التي تسعى إلى إعادة بناء الوعي وترميم الروح الوطنية عبر الثقافة. ليس مجرد أمسية أو ملتقى أسبوعي، بل هو قيمة ثقافية نهضوية متكاملة، تلتقي فيها الفنون والآداب والفكر، لتؤكد أن الثقافة في سورية ليست ترفاً، بل سبيل إلى الحياة نفسها.
لقد قال سقراط يوماً: «الثقافة هي ما يبقى بعد أن ننسى كل ما تعلمناه في المدرسة».
وقال غرامشي: «الثقافة هي التنظيم والإرادة والفكر لا مجرد تكديس للمعلومات».
وهذا ما نسعى إليه من خلال مشروعنا؛ أن نصوغ ثقافة حية، نابضة، قادرة على حمل المجتمع نحو غدٍ أجمل.
وحين نتحدث عن حمص، فإننا نتحدث عن مدينة عرفت الغيرة النبيلة في أهلها، والكرامة في عاداتها، والشموخ في مواقفها.
وهي اليوم تبرهن أنها مدينة لا تقبل إلا أن تكون منارة، ولا ترضى إلا أن تكون جسراً نحو المستقبل.
وفي هذا السياق، لا بد أن نثمّن نُبل الأخ المحافظ الدكتور عبد الرحمن الأعمى، الذي كان شريكاً حقيقياً في هذا المشروع.
كما نتوجه بخالص الشكر لفريق أربعاء حمص، الذي أثبت أن العمل الثقافي لا ينجح إلا حين يقوده أناس مخلصون. وأخصّ بالذكر الرجلين النبيلين: نور الأتاسي وجمال الأتاسي، اللذين حملا همّ الهوية السورية في فكرهما ووجدانهما. ولا ننسى الجندي المجهول عبد الله الأقرع، الذي جعل من جهده اليومي سراجاً يضيء الطريق دون أن يطلب لنفسه جزاءً أو شكوراً.
ولا بدّ من اغتنام هذه المساحة لشكر الأستاذ همام حوت الذي أبدع في وضع الأمور على خشبة المسرح، ثمّ حرّكها تماماً مثلما ينبغي ويليق، والشكر موصول لفريق ملهم التطوعي الذي سخّر إمكاناته لهذا المشروع تاركاً وراءه أثراً وعبقاً وإنجازاً.
إن ما بدأناه في حمص، لن يبقى محصوراً في حمص وحدها، بل سيكون نموذجاً لنهضة ثقافية شاملة تمتد إلى كل محافظات سوريا، لتنهض المشاريع المشابهة وتُعيد للثقافة دورها الجوهريّ في بناء الإنسان والوطن.
وكما قال المتنبي:
إذا غَامَرتَ في شرفٍ مرومِ ** فلا تقنَعْ بمـا دونَ النجـومِ
هكذا نريد لحمص أن تبقى وطناً رائعاً يتزين بلوحات الموظف الكفُؤ، وإخلاص المثقف الحقيقي، وغيرة الأجيال على هويتها وتاريخها، وهذا ما نعمل على تنفيذه في كل محافظة من محافظات وطننا الحبيب.