الثورة – تحقيق جهاد اصطيف وحسن العجيلي:
باتت الكثير من صالات السورية للتجارة تفتقد إلى توفر السلع التموينية والاستهلاكية التي يحتاجها المواطن والتي لا يمكنه الاستغناء عنها، لتتكرر الشكاوى من قبل المواطنين، خاصة من قبل العاملين في الدولة المستفيدين من بدل الوجبة الغذائية لدرجة وصفهم تلك الصالات بالفارغة من المواد الغذائية الأساسية وتوفر السلع الكمالية التي لا يضطرون إليها كثيراً كالأدوات الكهربائية والمفروشات والسجاد وغيرها، ولعل خير مثال على حديثنا صالات ” الزهراء والعبارة والسبع بحرات ” بحلب.
* تمهيد لابد منه..
وخلال الفترات الماضية ارتبط اسم المؤسسة بشكل أو بآخر بشكاوى وانتقادات لارتفاع سعر مادة تموينية معينة، لتعلن بعدها ” السورية للتجارة ” أنها ستطرحها في صالاتها، حيث تكون أسعارها ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة، أو إن المادة فقدت من السوق أصلاً، وهنا كانت تعتبر المؤسسة ” تدخلها الإيجابي ” كما يحلو لها هذه التسمية، أنها حلت المشكلة مع هذه المادة أو تلك، ومن حيث تدري أم لا تدري كان العكس تماماً هو من يبقى سيد الموقف !.
وبالرغم من وجودها في تفاصيل أزمة غلاء الأسعار كل هذه الفترة، يمكننا القول أيضا إن المؤسسة لم تكن تعتمد على آلية ثابتة في إدارتها لتوزيع المواد، خاصة ” المدعومة ” منها، إذ كانت تضيف أو تحذف مواد تموينية معينة أكثر من مرة، بعيداً عن جودة أو قلة جودة المواد التي تطرحها في صالاتها.
* المشكلة الأساس..
وتبقى المشكلة الأساس التي نحن بصدد الحديث عنها أن راتب الموظف على وجه التحديد لم يعد يكف لأيام معدودة بعد لهيب الأسعار الذي يطال مختلف السلع، خاصة الغذائية منها، هكذا قالت المواطنة ” مريم “، مستغربة في الوقت نفسه من القروض التي تعلنها بعض المؤسسات ” كالسورية للتجارة ” على سبيل المثال بين الحين والآخر بالقول: أيعقل أن يطلب الموظف قرضاً لكي يأكل لفترة وجيزة ويسدد مبلغ ” ٥٠ ” ألف ليرة شهرياً قسطاً على هذا القرض الميمون!.
وتضيف: الأسعار مستمرة بالارتفاع ولم تنفع كل محاولات ما يسمى ” التدخل الإيجابي “، سواء بالحد منها أو بكسرها أو بملاحقة التجار، ولم تصلنا إلى أي مكان، ولا حتى إلى مؤشر بسيط يدلنا على أن هناك تحركاُ ملموساً يأخذنا إلى حيث نريد.
وتشير المواطنة ” رجاء ” ربة منزل – إلى أن صالات التدخل التي يقولون أنها ” تدخل إيجابي “، في كثير من الأحيان تجدها، إما خالية من السلع والمنتجات الضرورية التي تهم معيشة المواطن اليومية، أو أن المتوفر يوازي سعر السوق ولا طاقة لنا باقتنائها، وأقصد هنا بطبيعة الحال فئة الموظفين ” كزوجي مثلاً ” الذي يتقاضى راتب ” ١٢٠ ” ألف ليرة شهرياً، ولم يعد بمقدوره شراء السلع الضرورية.
وتردف: إذا كان سعر البيضة الواحدة وصل إلى ” ٦٠٠ ” ليرة، فما بالك ببقية الأسعار، خاصة الغذائية منها، وتضيف قائلة: طبعاً نحن هنا لا نتكلم عن اللحوم الحمراء والبيضاء والأجبان والألبان وسواها، بل عن أبسط ما يسد رمق العائلة.
* كل الأسعار ترتفع..
ويشير ” عبد الله ” – أستاذ مدرسة – إلى أن كافة الوزارات والمؤسسات المعنية سرعان ما توافق على زيادة أسعار خدماتها المقدمة، وسنقدم مثلاً بسيطاً عن سعر سندويشة الفلافل التي وصلت لنحو ” ٣ ” آلاف ليرة، ومثلها البطاطا، فما بالك إذن بأسعار الفروج بكافة أنواعه والشاورما وسواها التي سرعان ما تستجيب لزيادة أسعارها النشرات التموينية الصادرة عن المديريات بشكل دوري.
* تبريرات تتبعها تبريرات..
ودائماً يعزو أصحاب الشأن السبب أو بالأحرى الأسباب التي تؤدي إلى رفع الأسعار إلى التضخم العالمي وارتفاع أسعار النفط، وزيادة الأسعار التي طالت الصناعي والتاجر قبل المستهلك، وارتفاع أجور النقل وقلة المحروقات وارتفاع تكاليف التصنيع والتوريد، وسواها الكثير من المبررات التي لم تعد تنفع بشيء على حد قول الكثير من المواطنين الذين التقيناهم، لأن ما يهمهم هو لجم الأسعار ووضع حد لا لبس فيه لمن تسول له نفسه التلاعب في الأسعار، وبالتالي في قوت الناس.
* أجور متدنية..
وهنا يقول ” محمد ” – موظف متقاعد – أعتقد أن أجور العاملين في كل دول العالم أعلى من الأجور لدينا، ونعلم أن الكثير من الدول توقف تصدير بعض السلع عندما تحتاجها أسواقها المحلية، وهذا ما يجب أن نقوم به نحن أيضا، وبمختلف السلع المتوفرة لدينا دون استثناء، ويضيف: نحن لا ننكر أن الغلاء عالمي، لكننا نطالب بضبط الأسواق ومراقبتها مراقبة حقيقية، فما المانع من ملاحقة التجار الكبار الذين يتلاعبون بالسوق ويفرضون رؤيتهم كما يحلو لهم، بعيداً عن ملاحقة أصحاب المحلات الصغيرة المغلوب على أمرهم، إذ غالباً ما تقع الطامة على رؤوسهم، وتنظم بحقهم الضبوط التي لم تعد ” تغني أو تسمن من جوع “.
* نشاط الصالات حسب التوزع الجغرافي..
وفي اتصال هاتفي مع المهندس “طلال حمود” مدير فرع السورية للتجارة في حلب أوضح بداية أنه خصص النشاط التجاري لصالة السبع بحرات لبيع الأدوات وسواها نظراً لطبيعة المنطقة وعدم وجود كثافة سكانية فيها، مشيراً إلى أن صالة الزهراء أصلاً هي في حالة إعادة ترميم حالياً، ولم يحدد نشاطها التجاري بعد وفي حال الانتهاء منها، سيتم بالتنسيق مع الإدارة العامة في دمشق تحديد النشاط التجاري فيها، وعلى الأغلب سيخصص فيها قسم للغذائية لتخديم المواطنين، أما بالنسبة لإحدى صالات العبارة فقد أكد “حمود” أن فرع المؤسسة بحلب دائماً يضع في حسبانه مسألة التوزيع الجغرافي مع مراعاة كما قلنا الكثافة السكانية في مختلف الأحياء، ولا يمنع التخصص منها في بعض الأماكن.
وختم بالقول: إن فرع السورية للتجارة بحلب يعمل بشكل دؤوب، وبما يلبي طموح المواطنين من خلال تدخلها في كثير من الأحيان بمختلف السلع، وخاصة السلع الغذائية والمواد المدعومة التي تقدم للمواطنين بشكل يومي.
تصوير: خالد صابوني