اقتصادها يئن تحت وقع الهزات العنيفة وشح الموارد، ومصانعها جاثية على ركبتيها تترقب المجهول، منها من قطع تذكرة مغادرة لإنعاش الاقتصاد الأميركي، ومنها من يعض على أصابع الإغلاق وبطالة العمال، ومواطنوها يعانون الأمرين من غلاء أسعار الطاقة وانعدام البدائل المتاحة، ويحبسون أنفاسهم مرتجفين من قادم أسوأ نتيجة رعونة سياسات حكامهم وارتهانهم الأعمى للمارق الأميركي على الإنسانية والقوانين.. كل هذا وتصر أوروبا على الزحف على بطون تبعيتها على زجاج الحرب الأوكرانية وتهذي بتهديد روسيا وحصارها.
واستكمالاً لسيناريوهات العبث التخريبي الأميركي بإعدادات أمان واستقرار القارة العجوز، تمعن أوروبا في صب الزيت على نار الأحداث وما إعلانها تدريب 35 ألف جندي أوكراني لزجهم حطباً في أفران الجموح لتوسيع الهيمنة الأميركية الأطلسية، إلا دليل على قصور رؤيتها الاستراتيجية ونظرها بعيون من زجاج لواقع المتغيرات الدولية الحاصلة وأن اليد الروسية لن تلوى عسكرياً ولا اقتصادياً.
فبدلاً من ردم الفجوات الدبلوماسية في القارة العجوز، يعمد ساسة أوروبا لبلسمة جراح اقتصاداتهم وصناعتهم ومعاناة مواطنيهم بالبارود المتفجر وأخذ الأمور إلى شفا هاوية الحماقات المرتكبة، فما معنى أن تطالب قيادة الناتو من نظام كييف” شن هجمات على مقاطعة خيرسون الروسية بغض النظر عن الضحايا ” في وقت ترفع فيه ذئاب الغرب الاستعماري وفي مقدمتهم واشنطن شعارات الإنسانية ودماء الضحايا تقطر من أنيابها.
الرهان على إحداث ثغرات في جدران منعة موسكو ضرب من هذيانات أميركا وجوقة ببغاواتها الأوروبية، والمكاسرة الاستعراضية الحالية فوق بركان لاهب لإحراز انتصار وهمي، لن يدفع بالأمور إلا إلى منزلقات أخطر.
ألم يستمع بايدن وأركان حروبه لصدى تأجيجهم الحرائق بأوروبا في الشارع الأميركي الذي طفح كيل تحمله برعونة وتهور حكامه، واحتجاجه على من صوت بالكونغرس لدعم نظام كييف بقولهم ” إنكم تلعبون بحياتنا بإرسال أموال إلى النازيين الأوكرانيين..نحن على مشارف حرب نووية وأنتم تستمرون بتمويلها”، أم أن جموح السطوة الأحادية أشد صخباً في الأذن الأميركية من وقع الإدانات والاحتجاجات.