الملحق الثقافي- ميساء جرعا:
أطفأت أنوار البيت كاملة وأنرت الأضواء المخفية….
أسدلت ستائر البيت كاملة وتركت غطاء نافذتي القبلية…
فالليل اليوم مطري ينهمر على حديقة بيتي الشتوية….
ينهمر المطر على مقعد مازال ينتظر دفئاً عفويا….
وأجهز لسهرتي فنجان القهوة فوق طاولتي وعلبة سجائر وردية…
فأنا أدرك أن كل شتاء في كل مطر سيمران على المقعد سويا….
وأنا حتى الآن لا أدرك سر توقيت المطر لجمعهما لقاء سريا….
عل المطر يخفي بكاء يخفي عويلاً يخفي صراخاً للبشرية…
أم أنه يغسل قلباً ذاب من شمس صحراء البشرية….
يدنو مقتربا من المقعد يلتحف سترة سوداء على موعد مع حورية…
يسدل قبعة من جلد يخفي معالم حزن مترنماً بسماع أغنية من مذياعي لمطربة قديمة عربية…
وتقبل متقلبة الخطوات والخطوات تنكفئ راجعة تلك الفتية…وتعود لتصمم الخطوة من جديد وأن يتلو الخطوة تلو الخطوة ليكونا سويا…
هاقد وصلت بعد قرار مضنى وتجلس لترى وجهاً لم تتمعن فيه مليا…
لم يكن هناك كلام مسموع ولا حركة غير حركات الريح مدوية…
إلا وصوت المطر كان قوياً ضرباته تطغى على عذوبة تلك الأغنية…
ومازلت أرقب ماذا سيقول ماذا ستقول وماذا سيفعلان سويا…
زعق المطر مد يديه ليغطي شعرها الأسود المبلل بسترته السوداوية..
لكنها ترنحت لأن المطر أهلكها ولم تكن بحاجة سترته السماوية…
ألقت عليه نظرة يأس ترجمت كل الليالي بعودة لم ترض أن تكون الضحية
وعادت أدراجها مبللة وانكفأت أكمل بكل حزن سماع تلك الأغنية….
العدد 1118 – 1-11-2022