مع انطلاق أعمال القمة العربية في الجزائر، يقف العرب أمام مرحلة اختبار جديدة لتجاوز الانقسامات، ومواجهة التحديات الخارجية التي تعرض الأمن العربي ككل للخطر الداهم، نتيجة السياسات الأميركية والغربية المدمرة للأمن والسلم الدوليين، إذ تتوق الشعوب العربية لتوحيد الموقف العربي، دفاعاً عن قضاياها وحقوقها المشروعة.
في ظل حالة التشرذم التي تمر بها الأمة العربية اليوم، فإن الميزة الأهم لهذه القمة أنها تعقد على أرض الجزائر الشقيقة، التي تسعى بكل إمكانياتها لإعادة لم الشمل العربي، لاسيما وأن الجزائر تحظى بمكانة عربية ودولية مرموقة، وتطمح لأن تخرج القمة بنتائج توافقية تصب في مصلحة القضايا العربية المطروحة على جدول أعمالها، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ويحسب للجزائر أنها حققت إنجازاً كبيراً لخدمة القضية الفلسطينية من خلال خطوة المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية، والتي من شأنها أن تشكل بداية انطلاقة جديدة لعمل عربي مشترك، تساعد على تعزيز التكامل السياسي والاقتصادي والعسكري بين الدول العربية لمواجهة التحديات الراهنة التي ترسم ملامح نظام عالمي متعدد الأقطاب، ويجب أن يكون للعرب فيه حضور قوي يسهم في توطيد دعائم هذا النظام الجديد.
سورية تقف بقوة إلى جانب الجزائر في مساعيها لإعادة لم الشمل العربي، وقد اختارت عدم طرح مسألة عودتها لمقعدها في الجامعة العربية رغبة منها في توحيد الصف العربي، لمواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع الراهنة على الصعيدين الإقليمي والدولي، علماً أنها من الدول المؤسسة للجامعة العربية، وجاء قرار تجميد عضويتها في بداية الحرب الإرهابية، مخالفاً لميثاق الجامعة، ولكن في ظل انجرار بعض الدول العربية خلف السياسة الأميركية المعادية لسورية وشعبها، فإن سورية كانت أكثر حرصاً على المساهمة في توحيد الكلمة لإعادة ترميم الصف العربي، مع العلم أنها مازالت تقدم الكثير لخدمة القضايا العربية ونصرتها، رغم تعرضها لطعنات في الظهر من قبل بعض “الأشقاء العرب”، وهي لا يمكن أن تتخلى يوماً عن ثوابتها العربية والقومية، وهنا يتوجب على العرب أن يقرروا بأنفسهم العودة إلى سورية، فلا وزن لأي قمة عربية من دون حضور سورية.
غياب سورية عن القمة ليس له أي تأثير على مكانتها ودورها الفاعل والمؤثر على الساحة العربية والدولية، ولكن الجامعة العربية هي المتضرر الوحيد من تبعات تجميد عضويتها، لأنه يفقدها فعاليتها من جهة، ومصداقيتها من جهة ثانية، ويبقى الأمل في أن تتمكن الجزائر من تحقيق هدف هذه القمة المتمثل بلم الشمل العربي، وقد وفرت لها كل ضمانات النجاح، على الرغم من حجم الخلافات والانقسامات العاصفة بالواقع العربي الراهن.