الملحق الثقافي- عصام يوسف حسن:
(1)
لِعَيْنيكَ …
ياسيّدَ العِشْقِ … يامَلِكَ الأُمنياتِ
وياخاطراً مُترَعاً
بالمواسمِ ..
يشردُ في حُلُم النَّخلِ …
ياشهقةً من زمانٍ قَصِيٍ..
يُردّدها شَغَفُ الرَّملِ
يا واهبَ الِخصْبِ ..
يا سيّدي …. يافرات أُغرّدُ..
شوقي إليك النَّشيدُ…
وقلبيَ خارطةٌ ليسَ تُخطئُ ..
والّذكرياتُ حِسانٌ من الحَوْرِ …
تُغرقُ أقدامَها في دنانِكْ ..
وتمضي ضفائرُها في الغيومْ
تُفتِّشُ بين كرومِ النُّجومْ
عن الشُّهبٍ القرمزيَّةِ…
وَهْيَ تُرَصِّعُ باللَّيلَكِ الغَضِّ والياسمينْ
ضُحَى صولَجانِكْ…..
(2)
أتيتُكَ من غابةِ الجُرحِ والِملْحِ
أتبعُ ظلَّ الزَّرازيرِ وَهْي تجوبُ
فضاءاتِ عينيكَ
تروي مناقيرَها من رحيقكَ…
ثمَّ تشرّدها الرّيحُ
فوق ثلوجِ جناحَيك….
حتى يعودَ الرَّبيعُ الغَويُّ ..
وتُرْعشُ أنْفَاسهُ الكائنات …
تأوي إليكْ..
لُغاها الحنينُ …وأعشاشُها..
مناديلُ ضَيَّعَها العاشقونَ ….
على ضفَّتَيكْ..
(3)
أتيتُكَ في عَصْفَةِ البَوحِ..
أحملُ أرصفةَ القَيظِ.. والجُدْبِ ..
والُّلغة اليابسةْ
وتصهلُ في عُمْقِ حلقيَ ..
دِفلى الحنينِ …
وعُريَ المواعيدِ فاجأَها الفجرُ ..
بين انكسارِ المرايا..
فخَضِّبْ بحُنَّاءِ شوقيَ كفَّيكَ ..
ياصاحبَ العُرسِ ..
وامسَحْ وجومَ الصَّبايا ..
بِلَثْغِ تشاقيكَ…
هذا أوانُ الشَّقائقِ ..
والقهوةِ الحالمةْ
بتلكَ الشِّفاهِ التي باركَ الطَّلُّ إغماضَها
في سِتارٍ من الَّليلِ
حتى يفيقَ الصَّباحُ المُحلَّى ..
بِريقِ البنفسجِ
فوق مباسمها النَّائمَةْ..
فينتفضُ الطَّيرُ من عشِّهِ
وتبدأُ رحلتُهُ القادمَةْ..
(4)
لِمائكَ تسعى دمائيَ ….
حين تسافرُ ملءَ العروقِ
ويضبطُ أشرعةَ القلبِ
إيقاعُ لجَّتِكَ الحانيَةْ
تهدهدُ أحلامَنا الخُضرَ….
تُلقي بمَركبنا في رئاتِ الأساطير
ياسندبادُ …….. التَقِطْنا…
وهَيِّءْ لنا في مُروجِ الجزائرِ ..كوخاً
تحجُّ إليه الأيائلُ…
أستارهُ …من رفيفِ الفراشاتِ ..
تُدمنُ همسَ الزنابقِ
والأرضُ تنبضُ .. بالياسَمينْ
وتُودِعُ في النَّهر ِأسرارَها ..
في اشتهاءٍ دفينْ
فيرتَجُّ في صفحةِ الماءِ….
قصرُ الأميرَةْ
تحاصرها لهفاتٌ ضريرَةْ
وتهمسُ في أذنها …
أوَّلَ الَّليلِ عرَّافةٌ بابليَّةْ
بأنَّ الأميرَ الذي ضيَّعتْهُ المراكبُ
ليسَ يعودُ…
وأنَّ المراجيحَ تصدأُ…
والكرزَ المشرئبَّ سيذبلُ ..
في مَهمَهِ الانتظارْ
فتلقي إلى الرِّيحِ أثوابَها
وتَذْرو ضفائرَها …في القِفارْ..
وتقبعُ في لُبَّةِ اليُتمِ ..
تُغمضُ نَرجسَ أعيُنِها
في انتظارِ النَّهارْ…
(5)
أيا سيِّدَ الصَّمْتِ ..
ما سرُّ هذي المواويلِ..؟!
تنثُرني فوق حبَّاتِ رملِكَ
تُلقي على كَتِفي جُبَّةَ الصُّوفِ..َكَشْفاً
وتصلُبني بالغُلوِّ…
وكيف تُراوِدُني أن أهاجرَ ..
من وجَعي ..من شُهودي
وأطفىءَ في مقلتيَّ البريقْ..؟!
وحين ارتمَيتُ بحضنكَ ..
حرَّرني الموجُ من غربتي ..فاتَّصَلْتُ
وعادت إليكَ العصافيرُ
أفضى طريقي إليكَ …
فشابَهْتُ أهلَ الطَّريقْ..
وأسكرني الوَجْدُ عند الزَّوالِ .. فصحْتُ :
حبيبيَ..
فاؤُكَ ..فرحةُ أوَّلِ غيثٍ ..
على يَبَسِ التَّائهينْ
وراؤكَ ..رحلةُ روحي على جانِحِ الحرفِ..
في أفقٍ من ضبابِ البُخورِ ..
إلى كرمةِ العارفين ..بِسِرِّكَ
والألفُ الفَرْدُ ..
فيضُكَ من شامخاتِ الجبالِ ..
إلى سُرَّةِ الأرضِ
تاؤكُ ..توبَةُ قُصَّادِكَ الخاطئينَ …
يفرُّونَ من رَأَدِ الجَذْبِ..
لكنَّ شمسَكَ تَنْبتُ فوق جلودِهمُ ..
كالصُّراخِ..
فيأتونَ..سعياً لِمَجدِ تَجلِّيكَ
فوق الجهاتْ …
ومَنْ فَرَّ …..آتٍ ..
ومَنْ فَرَّ ………آتْ
لذلك ..سُمِّيْتَ
في لغة الشَّاربينَ….الفُراتْ…
(6)
وحيداً ….أَتيتُكَ..
في غَفلةِ السُّهدِ ..
أحملُ زُرقةَ حرفي ..
وبيَّارةً من حِداءِ النَّوارسِ
فافْرِشْ بساطَ المساءاتِ..
يايَعرُبيَّ الضِّيافةِ..
واطلقْ أُوارَ المواقدِ ..
فالبردُ عرَّشَ في دوحةِ الرُّوح ِ
واغتالَ حَبْوَ البراعمْ
أَعِذْني برَيحانِ وَعْدكَ..
مِن بارقٍ ليسَ يُمطِرْ
ومِِن ظمأٍ ألِفَتْهُ المحاجرْ …
تُحاذِرُهُ أن يُسافرْ…
ومِن فكرة لا تَجيءُ..
ومَنْ ليَ غَيرُ قَطاكَ الأنيسِ ..نديماً
إذا أقفرَ الدَّربُ …
وانطفأَ الصَّحْبُ ..
خلفّ السَّتائرِ..
واصفَرَّتِ الكلماتْ …
فتُشرِقُ مِنِّي إليَّ..
ويَنداحُ مَوجُكَ فيَّ..
وتَخضَوضِرُ اللَّحَظاتْ …
وتَنْدَى … على ريشَتي
يافُراتْ…
العدد 1119 – 8-11-2022