الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
كما أن لوسائل التواصل الاجتماعي سلبيات، لها إيجابيات أيضاً نحن اليوم أمام الأديب الدكتور عادل الفريجات المبدع الذي ترك بصمة على هذه المواقع من خلال نشر إشارات وعبارات على صفحته في العالم الافتراضي، منذ مطلع القرن الحادي والعشرين وتحديداً منذ عام 2005، ولم يقم بنشرها في أي صحيفة ورقية أو كتاب، وعندما لامس ردات فعل متابعيه وترحيبهم، وهي شكل من أشكال الأدب الوجيز بالمعنى الأشمل للأدب.
ليضع بين أيدينا نتاجه الأدبي من خلال كتابه “تكثيف الإشارة وتلخيص العبارة”، فنلمس من خلالها سعة ثقافته ومطالعاته المنوعة، لنجد أنفسنا في بستان منوع يلم بين دفتيه، هاجساً ثقافياً ينظر في الآثار الكتابية والإنجازات الإنسانية والظواهر الحياتية والأشكال السلوكية على نحو وجيز ومتميز، يحوي الكتاب حشداً كبيراً من المعلومات والرؤى والذكريات.
وقد قام بتقسيم الكتاب على ثلاثة أقسام: القسم الأول يأخذنا إلى عالم مسحور، لنستمتع بمعلومات ربما سمعها بعضنا لأول مرة منها رسائل غسان كنفاني لغادة السمان، تضمن الكتاب مقدمة طويلة لغادة عنوانها “وفاء لعهد قطعناه” حيث أعلنت عن رغبتها بنشر رسائلها إلى غسان التي احرقت مع حريق بيتها ببيروت عام 1976، ونداؤها لمن يمتلك نسخة من تلك الرسائل أن يزودها بها ليكون ردها على من اتهمها بإغفال نشر الرسائل.
ومما تناوله في كتابه همس النجوم لنجيب محفوظ وهو كتاب جديد وقع عليه الفريجات نشر بعد موت محفوظ في عام 2019، حيث أطلعت ابنة محفوظ الكاتب شعير على خزانة صغيرة للراحل لتكون محط فرح واهتمام الكاتب شعير ليجد كنوزاً، وأخرج منها كتاباً آخر عنوانه “همس النجوم”، مع أن لمحفوظ كتاب “همس الجنون”.
تناول الكتاب عدة كتب منها الحب تحت المطر لنجيب محفوظ، وقصة الجعل من كتاب “هوامش” لميخائيل نعيمة، وحكاية البحار لحنا مينه، ورواية جوّانتنامو ليوسف زيدان، ورواية واسيني عن مي زيدان أو (ايزيسوبيا ) الذي قال عنه الفريجات: تمكن الروائي الجزائري من الولوج إلى أدق التفاصيل وذلك ببيان ناصع، وحرفية عالية، فنقل لنا أجواء تلك الرواية بشحنات من التأثير العميق، وصوَّر لنا معتمداً على مخطوطة كتاب “ليالي العصفورية” لمي ذاتها، وعلى خياله الخصب كل الحالات الشعورية العاصفة والمفعمة بالألم والخيبات، والخيانات، بجاذبية نادرة..
وفي القسم الثاني تناول نخبة من الأعلام الأفذاذ مسيرتهم وأهم مؤلفاتهم منهم جميل صليبا (1902- 1976) الذي صدر له العديد من المؤلفات مثل: تاريخ الفلسفة الحديثة والمعجم الفلسفي وكتابه من أفلاطون إلى ابن سينا، وكتاب علم النفس في الفلسفة والمنطق..
وتناول إبداعات جورج طرابيشي وشاكر مصطفى وصلاح الدين المنجد وجابر عصفور ونقولا زيادة وعبد الرحمن بدوي وطه حسين، وغيرهم.
أما القسم الثالث فعنونه بمدارج المعرفة ومعارج الحياة والذكريات، فكانت محطة منوعة تناول فيها فضائل الفيسبوك والأخبار المبهجة، منها إبلاغ الفريجات من خلال الفيس بوك عبر مجموعة من طلبة جامعيين في الجزائر أن استاذهم “د. حسن الصيد”، قد أملى عليهم للتدارس نصوصاً من كتابه “الشعراء الجاهليون الاوائل” وغيرها من الأخبار المبهجة، وتحدث عن فلسفة النجاح والعديد من القضايا الشيقة.
وقد صدر للأديب الفريجات 23 كتاباً ذات طابع بحثي دقيق موسع، ومنها كتاب الشعراء الجاهليون الأوائل الذي يُدرَّس في إحدى الجامعات الفرنسية لطلبة الأدب العربي في فرنسا، ودراسات في المكتبة العربية التراثية، ونوافذ على تراثنا الأدبي، وأخيراً صدر له كتاب “تكثيف الإشارة وتلخيص العبارات” عن دار سوريانا الدولية للدراسات والترجمة والنشر في 154صفحة قطع متوسط، الطبعة الأولى 2022.

السابق