تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية وسائل التواصل الاجتماعي ومنصاتها، لخدمة أجندتها في المنطقة وتحقيق أغراضها الدنيئة، وتضليل الرأي العام وحرفه حسب أهوائها ومصالحها وغرائزها.
لا شك أن وسائل التواصل تقدم خليطاً من الحقائق والأوهام دون توثيق أو تدقيق، وهنا مكمن الخطورة في التعامل مع هذه الوسائل التي تستخدمها واشنطن جنباً لجنب مع آلتها العسكرية كجزء من حربها على الشعوب المناهضة لسياساتها وطموحاتها العدوانية والاحتلالية.
الحقيقة دوماً ثقيلة الوقع على كيانات الاحتلال والدول المستعمرة والمتغطرسة، لذلك نرى أمريكا في مقدمة الدول التي ترهقها الحقائق وتسعى بكل قوة لتشويهها والتخلص من ثقلها، وإحداث الفوضى في أذهان الرأي العام، وكذلك في أذهان الشعوب المستهدفة بحروبها الإعلامية والتقنية.
بالأمس كشفت شركة “ميتا” عن شبكة تابعة للجيش الأمريكي تستهدف عدداً من البلدان، وقالت الشركة بشكل دقيق ومحدد “إن عناصر تابعة للجيش الأمريكي استخدمت منصتي “فيسبوك” و”إنستغرام” في استهداف المستخدمين من بلدان عدة، بما في ذلك روسيا وإيران وسورية والجزائر.
وتتركز عملية الاستهداف الإعلامي على دول تشن عليها واشنطن ومن يتحالف معها حرباً عسكرية واقتصادية، فالجيش الأمريكي يحتل أراض، ويريد احتلال العقول، عبر وسائل التواصل، لتسير عملية الحرب ضد الدول المستهدفة بشكل منسق عبر أذرع عسكرية واقتصادية وإعلامية، وهذا يؤكد العقلية الأمريكية الخبيثة.
الشبكات التي أوقفتها شركة “ميتا” نشأت في الولايات المتحدة وركزت على عدد من الدول بما في ذلك أفغانستان والجزائر وإيران والعراق وكازاخستان وقيرغيزستان وروسيا والصومال وسورية وطاجيكستان وأوزبكستان واليمن، وهي دول بعضها خارج عن العقيدة الأمريكية، ويتحدى رياح سمومها، وبعضها، على قائمة أولويات واشنطن لاعتبارات كثيرة، تتقدمها المصلحة والرغبة في الاستحواذ على الثروات والطاقات في تلك البلدان.
تشغيل الحسابات المزيفة للجيش الأمريكي كان مرتبطاً بالعديد من خدمات الإنترنت الأخرى، بما في ذلك “تويتر” و”يوتيوب” و”تليغرام”، إضافة إلى “فكونتاكتي” و”أدناكلاسنيكي”، ومقرهما روسيا، وهذا أمر مقصود وموجه ومبرمج في دوائر السياسة والعسكرة في قلب البيت الأبيض، ومنه تصدر جميع الأوامر باستهداف البلدان التي تغرد خارج سرب (الناتو) وغرابه الأسود الأمريكي، ولا شيء يأتي من فراع، فكل ذلك من منظور أمريكا يأتي لخدمة صدامها مع خصومها في الغرب والشرق.
الإعلام، وشبكات التواصل أصبحت تتمتع بدور كبير في الحياة العامة، وتكمن خطورتها في تشكيل جزء كبير من الرأي العام، عبر تأثيرها وتأثرها بمجريات الأمور على جميع الساحات والأصعدة، ويجب كشف وتعرية السلبي منها، ومواجهته كما نواجه أي حرب عسكرية أو اقتصادية، فأعداء الإنسانية لا يكتفون بحروبهم الاقتصادية وحصارهم وقعقعة أسلحتهم، بل يستكملونها بهجماتهم الإعلامية المشبوهة والخطيرة، لتفكيك بنية المجتمعات المستهدفة وتسهيل عملية السيطرة عليها.
منهل إبراهيم