الثورة-هفاف ميهوب:
أكثر ما اهتمّت به الأديبة الانكليزية “فرجينا وولف”، علاقة الأدب بالحياة والمجتمع، بل و بالقارئ والقراءة التي رأت بأنها “فنٌّ معقّد، وامتحانٌ صعب لحواسنا كقرّاء”..
هذا ما وصفت به “وولف” فنّ القراءة، ليكون ما طلبته من القارئ الذي دعته للإدلاءِ برأيه وتقديم قراءاته:
“على القارئ أن يجلس في قفص الاتّهام مع المجرم، وأن لا يعتلي المنصّة للجلوس مع القضاة.. عليه أن يتماهى مع الكاتب في موضوعه، سواء كان جيداً أو سيئاً.. بعد القراءة، عليه مغادرة قفص الاتّهام، ليصعد إلى المنصّة ويلعب دور القاضي”..
نعم، القارئ متّهم لدى “وولف”، وإلى أن يثبت مهارته في فعل ما بعد القراءة.. لكن، هو ليس كذلك لدى المفكر والأديب الفرنسي “فيليب سولرز” الذي رآه: “فنانٌ يجيد الحياة بقدرته على العيش بمتعة.. متعة القراءة التي لا تعادلها إلا متعة الكتابة”..
يشير “سولرز” هنا إلى أهمية قيام الكاتب والقارئ، بتشكيل النصّ من خلال حوارهما معاً، وهو حوارٌ ينصح القارئ قبل الخوض فيه: “عليك أن تعرف كيف تقرأ، ولمعرفة ذلك عليك أن تعرف كيف تعيش”..
أيضاً، للفيلسوف الفرنسي “جان بول سارتر” رأي آخر يرى فيه، بأن الكتابات الإبداعية لا تكتمل إلا بقراءتها.. القراءة التي تستمر بها الكتابة، وبجهدِ القارئ الذي لا يختلف عن جهد الكاتب، ليكون عليهما معاً: “على القارئ والكاتب أن يبرزا للعالم والوجود، الأثر الفكري والإبداعي، فلا وجود للنصّ إلا بواسطة الآخرين، ومن أجلهم”..
كلّ هذا وسواه، يقود إلى النظريات العديدة التي وضعها الكاتب والمفكر الفرنسي “رولان بارت” في “فن القراءة”.. النظريات التي كان أشهرها “موت المؤلف”.. أي صمته وانتهاء دوره، وفي الوقت الذي يكون فيه “القارئ وحده يتكلّم”..