الملحق الثقافي- قراءة : محمد خالد الخضر:
يتجه كتاب الموت بين البيروقراطية والمصلحة السياسية جائحة «كوفيد ١٩» إلى تفصيل البنى السياسية والثقافية التي ترتبت بعد مجيء الجائحة عام ٢٠٢٠، والتي سميت بجائحة كورونا مسببة توقف الحركة الحياتية العالمية براً وبحراً وجواً فاضطربت الحياة في كل مناحيها في العمل وفي الأسرة وفي العلاقات بين أطياف المجتمع ليكشف الكتاب كيف أصبحت رؤية الوجود تدور حول الموت، واختل التوازن وتزعزع الأمن العالمي وراح الإنسان يفكر في الوسائل التي تدفعه للحياة والتمسك بها.
وبشكل منهجي سلط الضوء على الهموم الفردية والجماعية ، وكيف اختار الإنسان السجن طوعاً بعد أن كان يرفضه بشكل قاطع بعد أن بدأ العالم يشير إلى إحصاء أعداد المصابين بكوفيد ١٩، ولا سيما أن أمريكا كانت في المرتبة الأولى فتحول الكائن من فاعل في حياته ومستقبله إلى مجرد متفرج لا حيلة له بالقيام في أي شي بعد أن ساورته الظنون بأن الإنسانية صائرة إلى الموت.
إن مرض كوفيد ١٩ الذي تحول إلى جائحة أصبح قضية سياسية عالمية حولها إجماع واختلاف في الوقت نفسه، وأهل السياسة الذين توحدوا في إدراكها مرضاً اختلفوا وتهاوشوا حولها غنيمة لأنها صارت معبراً لغنائم سياسية وسلطوية فالجائحة أفقدت الثقة بكل شيء وانهار التحكم بالجموع وفي كثير من الدول انفصلت المجتمعات عن الدولة وتشكيلاتها وطغت المسائل الصغيرة على الاهتمامات بتطور وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا مما أضعف كل المفاهيم المؤدية إلى بناء المجتمع مما لفت إلى ضرورة العمل على الوصول إلى مفاهيم جديدة بتفكير.
وذهب الكاتب الدكتور تهامي العبدولي إلى ضرورة تفكير الإنسان بحرية التنقل والتفكير والعمل بشكل علمي وأخلاقي للوصول إلى مصلحته الإنسانية وتحقيق أحلامه بشكل كامل.
كما رأى مؤلف الكتاب أنه ثمة تعثر في مجابهة الجائحة بعد ظهور البيروقراطية في العالم مما يلازمها من تراخ وعدم إيلاء الدول العظمى الجائحة أهمية قصوى وأولوية مما جعل الجميع يفكر بأنها جاثمة ولا سيما أنها خلقت فوضى في الولايات المتحدة التي سجلت أكثر من ستة ملايين إصابة.
في هذا الحال بدأت الأمم والمجتمعات التي تسعى إلى حضارتها وعدالتها الاجتماعية والإنسانية تفكر بالعدالة وأن الأدعياء كالدول العظمى سوف يتخلون عن مسؤولياتهم في أي وقت مطلوب، وكذلك لم يكن الدور الإنساني في بريطانيا العظمى أكثر نجاحاً من غيرها كما كان الاتحاد الأوروبي بكامله متعثراً بمواجهة الجائحة.
ورأى الدكتور تهامي العبدولي أن مجابهة البيروقراطية ضرورة لا تقل ضراوة عن الحرب مع الجائحة لأن الإنسان أصبح بحاجة إلى أن يكون أكثر حرية مما مضى في حال انتشار بيروقراطية الدول وتعاملها مع الدول الأقل قوة فلابد من القدرة على العمل الطوعي وعلى الإدارة بكل أنواعها وعلى فهم النظام الإداري بشكل منطقي وذلك يسهل على معرفة النظام العالمي الجديد وبمن يتحكم به وصولاً إلى الديمقراطية والقوة التي تحافظ على علاقات غير قابلة للتغيير وتسعى إلى صالح العام العالمي بعد أن لاحظ العالم قوة الجائحة سياسياً وعجز الفهم والإرادة والإدارة حولها.
كتاب الموت بين البيروقراطية والمصلحة السياسية دراسات فكرية صادرة عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع ويقع في ٣٠٤ صفحات من القطع الكبير ويجمع بين السياسة والثقافة وما أثرت بيه جائحة»كوفيد ١٩»كورونا، وما يجب أن يكون بعده هذه الجائحة، بشكل منهجي تمكن المؤلف أن يوثق لمبحثه ويرصد متحولات العالم الإنسانية بشكل تطبيقي .
العدد 1124 – 13-12-2022