الملحق الثقافي- سعاد زاهر:
لم تحاول حتى النّهوض
مضى وقت طويل متثاقلة تحت الأغطية الصوفية
إنها ليلة الجمعة
النصف الأول من شهر كانون الأول
تكثر العطل، وتهجم فرص مراجعة الذات
والدعوات لاكتئاب قصير الأمد
نفند فيه أفعالنا
هذه المرة اختارت ألا تقسو على نفسها
رغم كل خطاياها السوداء
انصرفت تحاول تعداد عطاياها
فقدتها وشعرت أنها مجردة من كل إرادة
شكرت السماء حين شمت رائحة القهوة
نهضت دفعة واحدة
وأدارت المكيف
ستستمتع بساعتين كاملتين من الكهرباء
لم ينس أن يضع على الصينية قطعتين من الشوكولا
لم يتذوقها منذ عرفته
هذه المرة كان حديث الصباح
شهياً كمذاق الشوكولا الفرنسية
التي أحضرها
عقب إحدى سفراتها
رغم طول السنين
لم يتخل عن عاداته الراقية
ولاتزال هداياه تملأ المكان
هذا الصباح
كأن روحه عادت إليه
منذ سنوات قاطعت عينيه الزرقاوين
ورفضت النظر إليهما
ولكنها اليوم
حين نظرت إليه نظرة خاطفة
أصرت خلالها على الاستمرار في تجميد قلبها
وإيقاف أحاسيسها
كأنها عادت من الموت
كأنها حصلت على كل ما تمنته يوماًًًً
يا الله كيف يتلاعب بنا الحبّ
كيف تقيدنا العواطف
وتوثقنا إليها بألف حبل
ونحن نقاوم
ونصر على أننا نجونا
فإذ بلحظة عشق
تقودنا نحو حبنا الأزلي
نحن لا نرفض انعتاقه
ولا نقاوم
نحن لا نكون جديرين بالحب
حين لا ندرك أنه ينقذنا
ويغيرنا
ويلون كل حياتنا
ومجرد لمسة أو لحظة مع حب مقيم
هي تبعدنا عن كل هراء العالم
وأصدائه الهزيلة
فكيف إذا كان هذا الحب
ذكياً مرحاً متقلباً…. حاداً
حين شمت رائحة البيض المقلي
مع بعض التوابل التي يجيد إضافتها
كانت قهوتها شارفت على الانتهاء
نهضت مسرعة نحو المطبخ
وحين جهزت صحن المقبلات بدا بألوانه الزاهية
يومي إليها أن عاماً جديداً قادم
فيه ألف إشارات حياة مغلفة بكل ما هو مضيء
حتى وسط الظلام
العدد 1124 – 13-12-2022