الثورة – هشام اللحام:
منذ أيام قليلة، وتحديداً في الخامس والعشرين من تشرين الثاني الماضي، حذرت مفوضية الأمم المتحدة الاقتصادية لأميركا اللاتينية، ومنطقة البحر الكاريبي، من أن الفقر المدقع في المنطقة سيطال على الأرجح 82 مليون شخص، في زيادة مدفوعة ببطء التعافي من الجائحة وارتفاع التضخم.
في البرازيل لديهم حوالي مليوني لاعب مسجل في الاتحاد، إضافة إلى حوالي 15 ألف محترف خارج البرازيل، ولديهم 29 ألف ناد مشهر ورسمي، وكرة قدم هناك في المدرسة والجامعة والحضانة والحديقة.. كل مكان هناك صالح لكرة القدم.. الكرة هناك تمثل الملاذ للفقراء والمتعة للأغنياء.
وعلى مرّ التاريخ كان المنتخب البرازيلي – وحده – الحاضر دائماً، إذ لم يغِب عن أي نسخة في المونديال، بينما عاشت منتخبات أخرى – سبق لها التتويج بكأس العالم – مرارة الإخفاق في التأهّل لمرات عديدة.
وتوج المنتخب البرازيلي باللقب العالمي (5 مرات) في: السويد 1958، وتشيلي 1962، والمكسيك 1970، وأميركا 1994، وكوريا الجنوبية واليابان2002، وقد خرج السامبا على يد منتخب كرواتيا بالخسارة بركلات الترجيح في الدور ربع النهائي، وقدمت البرازيل للكرة العالمية العديد من الأساطير، لعل أهمهم أسطورة الكرة بيليه الذي اختاره الفيفا كأفضل لاعب في القرن العشرين.
وتتطلع الأرجنتين للفوز بكأس العالم لكرة القدم للمرة الثالثة في تاريخها، وتتويج مسيرة قائدها ليونيل ميسي باللقب الأغلى الذي ينقص خزائنه الشخصية، وتمثل هي الأخرى عنواناً للكرة التي تسبق ربما كل الأشياء هناك في البلد المرهق بالهموم، المفعم بالكرة.
وكانت الأرجنتين على الصعيد الاقتصادي، قد حصلت على قرض بقيمة 44 مليار دولار لدعم اقتصادها المتهاوي، وسداد ديون عاجلة قيمتها 19 مليار دولار مستحقة على البلاد وسط أزمة اقتصادية عاتية تمر بها البلاد لكنها رغم ذلك، تمثل قوة عظمى في الكرة التي تحمل على كاهلها فتح نوافذ الأمل لشعب يتنفس هو الآخر الكرة ويغني لها .
أما أوروغواي، فحتى العام 1930 لم تكن تعني أكثر من بلد، غالبية الناس لا تعرف له موقعاً، ولكن دفاعه لأجل احتضان أول كأس عالم في تاريخ اللعبة على أرضه، قلب الحكاية رأساً على عقب، فكل المنتخبات الأوروبية التي سافرت إليها بحراً عبر الباخرة للمشاركة في أول كأس عالم وهي فرنسا ويوغسلافيا وبلجيكا ورومانيا، فوجئت ببلد شبيه بأوروبا، غالبية سكانه من أصول أوروبية، ومرّت الدورة الأولى برداً وسلاماً رغم فقر البلد الذي لم يكن يقطنه سوى مليون نسمة في بلد مساحته 176 ألف كلم مربع، وذهب منتخب أوروغواي إلى ما هو أبعد من تصحيح صورته الذهنية لدى ضيوفه، فتمكن من التتويج بالمونديال على أرضه بعد فوزه على الجارة الكبيرة الأرجنتين.
وبعد مرور قرابة قرن عن أول مونديال، مازالت أوروغواي تطمح في العودة لاستضافة كأس العالم، متسلحة هي الأخرى بحلم الكرة الذي يبدو أنه الحلم الأكبر هناك، وهي محاطة برّيا ببلد واحد هو البرازيل، التي تتنفس كرة القدم وأصبحت قوة اقتصادية عالمية كبيرة، كما تجمعها بالأرجنتين ثاني بلد كروي في العالم مسطحات مائية تضع أوروغواي الكروية جارة لأكبر بلدين في عالم الكرة.
كما أن أوروغواي قدمت للكرة العالمية دائماً نجوماً من الطراز العالي مثل كافاني وسواريز، وكانت دائماً منجماً للاعبي الكرة الكبار، وكادت في مونديال جنوب إفريقيا عام 2010 أن تفعلها، عندما بلغت الدور نصف النهائي وخرجت أمام هولندا، وهي بلد استثنائي فهي الأصغر من حيث عدد السكان بين كل المتوجين لكنها تضرب للبلدان الصغيرة مثلاً عن تحدي الصغار، حيث أحرزت كأس العالم مرتين، وبالرغم من خروجها من الدور الأول لمونديال قطر، إلا أنها تبقى قوة كروية عظمى.