“من المتوقع أن يصل حجم التحصيل الضريبي نهاية العام الحالي إلى ٥٠٠٠ مليار ليرة سورية رغم ثبات مصادر الإيرادات، وهناك جهود لأن يصل إلى ٧٠٠٠ مليار ليرة سورية العام القادم”.
الكلام لوزير المالية يدعونا إلى التوقف ملياً أمام الطريقة والمطارح الضريبية التي ستتوجه إليها الإدارة الضريبية لتحصيل تلك المبالغ في ظل ظروف اقتصادية صعبة وحالة رفض من المكلفين حول ارتفاع النسب المقتطعة للضريبة أياً كان نوعها.
بالتأكيد فإن مهمة وزارة المالية زيادة التحصيلات لدعم الإنفاق لكن التحدي الأكبر أمامها يتمثل بإنجاز مجموعة التشريعات والقوانين التي تُمكنها من ذلك التحصيل دون المساس بالشرائح المجتمعية محدودة الدخل.
قد يقول أحدهم إن الإدارة الضريبية في جميع تصريحاتها الصحفية تؤكد على عدم الاقتراب من تلك الشريحة، لكن الواضح والثابت أنها – أي تلك الشريحة- هي من تدفع، في ظل تهرب ضريبي كبير من قبل قطاع الأعمال تعترف به وزارة المالية.
والسؤال الذي نكرره دائماً أين وصلنا بمشروع قانون الإصلاح الضريبي الذي من المفترض أن يحقق العدالة الضريبية؟
في جلسة جمعت مدير عام الضرائب والرسوم مع أساتذة الاقتصاد بجامعة دمشق حول الإصلاح الضريبي والربط الإلكتروني كانت النتيجة أن ما جرى حتى يومنا هذا كان مجرد تصليحات وليس إصلاحاً ضريبياً بل ذهب البعض إلى القول إن كل ما يحدث هو تقزيم لموضوع الإصلاح الضريبي، فهل يُعقل أن يدفع أستاذ جامعي كنسبة ضريبة أكثر من بنك!!!!
ما نحتاجه أرضية خصبة للبدء فعلياً بإصلاح ضريبي يتوجه نحو المطارح الضريبية الحقيقية ولا سيما شريحة أثرياء الحرب، ودون ذلك سيبقى الوضع على ما هو عليه.
ولأن الإيرادات تُؤخذ بعين الاعتبار حين وضع الموازنات العامة للدولة،لذلك على واضعي السياسات العامة التنسيق حول الرقم الضريبي الممكن تحقيقه خلال العام واضعين في الحسبان الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلد، وبالتالي لا يمكن وضع خطوط عامة لتلك السياسات دون أخذها بعين الاعتبار لتقدير حجم الإيرادات التي ستغذي الخزينة.
في كل الأحوال فإن الخطوات الحالية التي تقوم بها وزارة المالية كمشروع الربط الإلكتروني قد لا تؤتي أكلها كونها ما زالت في مرحلة التجريب، وتحتاج إلى بنية تحتية قوية من كهرباء واتصالات حتى لا تتحول إلى حلول مؤقتة لا يمكن التعويل عليها.
وبكلام آخر نحن بأمس الحاجة إلى التمويل الذي تشكل الإيرادات العامة عموده الفقري، وإن لم يتم تفعيل وتمكين هذا العمود من أن يكون صلباً وقوياً قد يأتي وقت لا نجد فيه رقماً يغطي طموحات الحد الأدنى لمشروعات التنمية السنوية.