قبل ست سنوات، سجلت حلب انتصارها الناجز على الإرهاب وداعميه، وذلك في الـ 22 من كانون الأول 2016، ليفرض الجيش العربي السوري معادلات قوة جديدة، ويقلب حسابات الأعداء وعلى رأسهم النظام التركي الذي أراد أن تكون حلب وأهلها متراساً لأطماعه، يتربص من ورائها بوحدة سورية وسيادتها، فخاب ظنه، وخاب أمل مشغليه في الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.
في الذكرى السادسة لتحريرها من رجس الإرهاب، تروي حلب اليوم، وفي كل ركن وشارع وحي فيها، حكايات صمود وتضحيات وانتصار، فجسدت عنفوان الشعب العربي السوري بكل أطيافه، وحطمت قيود الإرهاب، وأسقطت المخططات الصهيو-أميركية، والمشروع الأردوغاني الإخواني، وجاء تحريرها على أيدي أبطال الجيش ليمهد لانتصارات ناجزة أخرى، بعدما شكل تحريرها نقطة ارتكاز لمواصلة مسيرة التحرير نحو الشرق، فجاء تحرير مدينة دير الزور وتحريرها من إرهابيي “داعش”، أحد أهم ثمرات الانتصار في حلب.
وكما كان قدر حلب الانتصار، فقدرها أيضاً أن تكون شاهداً حياً على جرائم مرتزقة أردوغان والغرب، فالمدينة قدمت قوافل الشهداء الواحدة تلو الأخرى، بمواجهة الإرهابيين، ومنهم من ارتقى بقذائف الحقد التكفيري، والسيارات المفخخة، والغازات السامة التي استخدمتها التنظيمات الإرهابية، ومنهم من ارتقى وهو يواجه الإرهاب بصدره العاري دفاعاً عن إرث المدينة وتاريخها الحضاري، ولكن في الجهة المقابلة فإن الإجرام الوحشي المتصاعد كل يوم بحق أهلها كان يختزل مشهد الإخفاق المدوي للدول الراعية للإرهاب، وعكس منذ اللحظة الأولى فشل منظومة العدوان بتحقيق أي من أجنداتها الاستعمارية، لأنها اصطدمت بصخرة صمود أبناء حلب، وعزيمة أبطال الجيش العربي السوري، وإصرارهم على المواجهة حتى تحرير كل ركن من حلب مهما قدموا من تضحيات جسام، فكان لهم ما أرادوا.
حلب التي أرادوا تدمير إرثها التاريخي، وشطب اسمها من ذاكرة السوريين كانت الأقوى بصمودها وإرادة أهلها، وتضحيات الجيش الذي أعاد البسمة إلى وجوه أبنائها، وأعاد نبض الحياة إلى شرايينها، واليوم وبعد 6 سنوات على تحريرها من الإرهاب، فإن حلب تكتب حكاية إرادة أخرى في إعادة الإعمار والبناء، لتعود كسابق عهدها عاصمة للاقتصاد والصناعة والثقافة والفن، لاسيما في ظل الجهود الحكومية والأهلية المتواصلة لإعادة إصلاح ما دمره الإرهاب.