تأكيد نائبتين في الكونغرس الأميركي بأن البنتاغون أخفى عدد الضحايا المدنيين جراء قصفه مناطق في سورية، ربما هو جزء من صحوة ضمير متأخرة لا تقدم ولا تؤخر في مسار السياسة الأميركية المجرمة، لأن القصف والعدوان والإجرام واللصوصية التي يمارسها الاحتلال الأميركي في سورية مستمرة بكلّ وقاحة غير آبهة لا بالضمير الإنساني ولا بالقانون الدولي، وفي كلّ يوم يعاني المدنيون في سورية من ويلات التدخل غير الشرعي والحصار غير الأخلاقي الذي تمارسه واشنطن ضدهم بذرائع كاذبة لا تمت للإنسانية بصلة.
وتأكيداً لما قالته النائبتان فإن البنتاغون دمّر مدناً وبلدات وقرى بمن فيها في سورية – ومدينة الرقة شاهد حي على مجازر الأميركيين وإجرامهم – وهو لا يجد حرجاً في ارتكاب المزيد من الجرائم والمجازر وأعمال الفوضى والتخريب، لأن ذلك جزء من نهجه وسياسته المعلنة لتعميم الفوضى “الخلاقة” في منطقتنا، فاستقدام تنظيم داعش ببربريته غير المسبوقة في التاريخ البشري كانت جزءاً لا يتجزأ من المخطط الأميركي للتدخل في سورية بذريعة محاربة الإرهاب، في حين سبق لمسؤول أميركي رفيع أن أكد أن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي – الشقيق والنصف الآخر لداعش – يشكّل استراتيجية أميركية بذاتها، فالبنتاغون ليس مضطراً لإخفاء شيء عن أحد إلا في حال كان إظهار هذا الشيء يحرجه أمام نواب ما زالوا يعتقدون أن بلادهم مثالٌ يحتذى في حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها.
قد لا نستغرب إذا ما برّر البنتاغون فضيحته الجديدة بالخطأ غير المقصود، فكم من مجازر ارتكبتها أميركا في العراق وسورية وليبيا وأفغانستان واليمن ويوغسلافيا وأماكن أخرى ثم بررها مسؤولو البنتاغون بالخطأ، كنوع من ذر الرماد في العيون والتنصل من المساءلة، ولا سيما أنه ما من جهة قادرة أو مؤهلة لمحاسبة هؤلاء القتلة الذين يتسلون بسفك الدماء وإزهاق الأرواح، والأنكى من ذلك أن بعضهم يعترف بجرائمه بعد أن يغادر منصبه في محاولة منه لغسل العار الذي لحق به، ولكن ماذا يستفيد الضحايا الأبرياء من ذلك…؟!
السابق