الثورة – حسين صقر:
كل أحلام السوريين تأجلت أو رحّلها المواطن، معللاً نفسه بإقفال باب يخفي خلفه الكثير من الآلام والأحزان، و كومة من المتطلبات والآمال التي لم يستطع تحقيقها نتيجة الحرب الإرهابية الممتدة منذ اثني عشرة سنة، وبسبب الحصار الغربي الظالم.
السوريون ودعوا عام ٢٠٢٢ و هم يستذكرون ما حمله والأعوام التي سبقته من مآس باتت تسيطر على المشهد العام.
وما بين متفائل ومتشائم بالعام الجديد يبقى السؤال الأهم، هل يحمل ٢٠٢٣ تباشير تنهي السنوات العجاف التي مرت على وطننا الغالي، بعد أن أبى العام الماضي أن يرحل دون أن يأخذ معه آخر الآمال بتحسن الوضع الخدمي.
على أبواب العام الجديد يقف السوريون منتظرين نهاية الحرب العدوانية على بلادهم التي أتت على أفراحهم، وأوقفت عقارب الزمن عند نهاية العام ٢٠١٠ والأشهر الأولى من العام الذي تلاه، والأمل يحدوهم بأن القادمات من الأيام قد تحمل لهم الحلول لوضع حد لنهاية تلك المأساة من حيواتهم.
السوريون وقفوا وواجهوا وصمدوا وصبروا ويحق لهم الفرح بالنصر، فرح يمسح دموع الثكالى والأرامل والأمهات، وكل هؤلاء اللواتي فقدن أعزاء وربوا يتامى، وانتظروا على أبواب المنازل خبراً مفرحاً عن مفقوديهم وأعزائهم، ولهم الحق بأن يحصلوا على متطلباتهم المعيشية دون عناء، وأن يسيّروا معاملاتهم دون أدنى ابتزاز، وأن يعبروا الطرقات والممرات دون أن يتنمر عليهم أحد من بعض المدعين بالدفاع عن أمن الوطن والمواطن، لكونهم يعلمون أكثر من غيرهم، أهمية أن يكون الوطن آمناً مستقراً وعزيزاً كريماً.
السوريون يتمنون بألا يزاود عليهم أو يراهن أحد ممن ركب البحار واجتاز الموج وعبر الغابات إلى أنحاء العالم، بأن صبرهم سوف ينفد، لأنهم يعلمون أن الغيوم كلما اشتد سوادها، كلما أتت وابلاً مدراراً.
قد يقول قائل: بأن لا ضوء يظهر في النفق، ونحن نقول: أضواء كثيرة تظهر في جنبات ذلك النفق، وما علينا سوى التحلي بالمزيد من الصبر، لأنه كلما ضاقت، كلما فرجت، وكما قال الشاعر:
ولربما نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً.. وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها.. فرجت وكنت أظنها لا تفرج..
الفرج القادم آت، وقد نكون على بعد قصير من نهاية الحرب الوحشية التي أصابت السوريين في الصميم، وسوف ينعم المواطن بأيام أفضل بكثير مما سبق تلك الحرب العدوانية، وهذا قد لا يروق للبعض نتيجة الإحباطات الكثيرة والمطبات التي واجهناها، لكن رغم كل المعطيات السلبية، قد يكون الحل بات في الأفق.. وما علينا سوى الانتظار.
فالطالب ينتظر مواصلات، والعامل ينتظر أجراً مناسباً لتعبه ولقاء صبره، والخريج ينتظر وظيفة، والمار في الطريق ينتظر معاملة طيبة، والمغلوب على أمره ينتظر سنداً وإنصافاً وووو القائمة تطول..
من حق السوريين أن ينسوا كلّ عذاباتهم، وكلّ الظروف التي مرّت عليهم، من حاجة وعوز وضيق وظروف حياة صعبة، والمتفائلون منهم
سوف ينسون انقطاع الكهرباء، وشحّ المحروقات، وأسعار المواد المرتفعة، وسوف ينسون أجورهم ورواتبهم المتدنية، وسوف ينسون تماماً مشاهد قراهم ومدنهم المظلمة، وأرواحهم الغاضبة والمستنفرة..
في نهاية كل سنة قد نفكر بأننا لم نحصل على ما نستحق ، لأننا عانينا، ربما لم يحالفنا الحظ، أو أننا نستحق الأفضل، ولكن في بعض الأحيان من الأفضل أن نرضى بما حصلنا عليه، وبلغناه، ولا سيما بعد تلك المعاناة، ففي ذلك راحة نفسية لا تضاهى بثمن.