الثورة – أيمن الحرفي:
الحوار والإصغاء والاستماع والإنصات مفردات تلتقي جميعها في فوائدها وأثرها الإيجابي بين الناس، ولكن الإصغاء للطفل ومحاورته و الاستماع لما يقوله، له الأثر الأكبر في تشكيل و تبلور شخصيته، والذكاء عند الوالدين يكون في جعل الطفل يرتاح للحوار معهما ويأنس بمناقشتهما و عندها نكون وصلنا إلى المعادلة الأهم و هي التي يقولها الطفل في نفسه: ( والداي هما الأفضل بين الجميع عندما ينصتان إلي، وهذه الغاية الكبرى التي إن أحسن الأهل استثمارها وصلوا إلى نتائج كبيرة في تكوين الشخصية السليمة للطفل.
و يبدو للبعض أن جعل الطفل يستمع لما تقولونه أمر صعب، وبالتالي يشعرون أن تربية الأطفال مهمة شاقة لكن الأمر غير ذلك إن أحسنا مسك مفاتيح التربية الصحيحة و منها الإنصات والاستماع السليم للطفل، فهو بحاجه لمن يسمعه و يصغي إليه و يحاوره عن آفاقه وتفكيره و مشاكله.. و الكلام أصلاً يحتاج إلى أكثر من شخص وتختلف الحاجة إلى الحوار بين إنسان و آخر.
وهنا يقصد بالاستماع الفعال ( القدرة على تحويل انتباهك إلى الشخص الذي يتحاور معك و يحدثك بدلاً من تركيزه على ما يدور في رأسك) حيث تبذل جهداً حقيقياً ليس فقط لسماع ما يقوله الطرف الآخر من كلمات و إنما لاستيعاب الرسالة الكاملة التي نرغب بإيصالها إليه.
ولعل الاستماع والإصغاء مهارة مرنة كمهارات التفكير الإيجابي أو مهارات حل المشكلات و المصاعب التي قد نواجهها. و الحوار الصحيح المبني على قواعد وأسس تربوية سليمة و له فوائد عظيمة، حيث يساعد الطفل في التعبير عن مشاعره الدفينة ويخلق الجو الأسري الصحي المتماسك فترى هذه الأسرة تعيش في جو من الود والسلام والمحبة و هذا ما يعزز تكوين الشخصية القوية والإيجابية التي تعود ثمارها على الطفل أولاً والأسرة ثانياً و من ثم يكون مردودها الأكبر في المجتمع و تزيد ثقتهم بأنفسهم و تزيد الروابط الأسرية ويسود الاحترام المتبادل بين الجميع، ولعل الثقة التي طرحها فن الاستماع و الإصغاء للطفل تساعده في اتخاذ القرارات الصحيحة وخاصة تلك المتعلقة بمستقبلهم وبالتالي تحمل مسؤولية اختياراتهم والحوار والإنصات و الإصغاء عندما تسود في مجتمع الأسرة تؤدي إلى استقرار الحياة الزوجية و اختفاء المشاكل و الاختلافات وأفكار الانفصال الهدامة.
والآن ما السبيل لحوار ناجح وكيف يكون الإصغاء فعالاً بين الوالدين والأبناء؟ يبسط علماء الاجتماع هذا الأمر بأن يبدأ الأهل بإظهار مشاعر ودية تجاه الابن و إبداء الحب و التعاطف بمساعدته على نموه النفسي و ذلك من خلال استخدام كلمات دالة على ذلك قبل بدء الحديث و إظهار البشاشة والأخذ بيده أو وضع اليد على كتفه كما ينبغي الحرص كل الحرص على عدم استخدام الكلمات و الايماءات التي تدل على الاستهزاء أو الكراهية التي تؤدي حتماً إلى اضطراب نفسي.
يقول الباحث التربوي والاجتماعي عبد العزيز الخضراء: إن الإصغاء لولدك هو أفضل أسلوب للتعبير عن قبولك إياه و هو يعني مراعاته والاعتراف بوجوده كإنسان ما يساعد على تقوية شخصيته لأنه يشعره بأنه محط اهتمام الآخرين وبقدر ما يشعر أولادنا بأنهم مقبولون و محبوبون تكون مشاركاتهم أكثر حيوية و اندفاعاً وأثراً إيجابياً. و يقول طاغور: ” كل طفل يأتي إلى هذا العالم حاملاً معه رسالة تقول إن الله ينتظر من الإنسان أكثر “.
و ختاماً نقول: الإصغاء للطفل والاستماع له يحقق فوائد إيجابية على نمو الطفل و تفتح ذهنه فهو يعلمه الطلاقة في الحديث و ترتيب الأفكار وتسلسلها وينمي شخصية الطفل ويصقلها ويقوي ذاكرته و الأهم من كل ذلك أنه يزيد الطفل قرباً و محبة لك.