الثورة – الشارقة – سعاد زاهر:
شهد قصر الثقافة في الشارقة ثاني أمسيات النسخة التاسعة عشرة من مهرجان الشارقة للشعر العربي، حيث احتضنت سبعة شعراء وشاعرات من مختلف بلدان الوطن العربي، فيما أدار الأمسية الإعلامي السوداني عصام عبد السلام، بحضور عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، و محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، وجمع من الأدباء والمثقفين والمشاركين والمهتمين بالشعر.
تنوّعت قصائد الأمسية بين موضوعات عدة، وفيما كانت تصغي إلى صوت الذات، فإنها كانت تطرق أبواب الحنين وتستدعي فرح الحياة بلغة شفيفة ودافئة، فاضت من خلالها المشاعر الإنسانية، لترسم لوحة شعرية تحمل في داخلها كلمات ومعاني جاذبة.
افتتح القراءات الشاعر المغربي محمد عريج الحائز على العديد من الجوائز في الوطنية والعربية، وله إصدارات شعرية “كُنتَ معي” و”تركنا نوافذنا للطيور” و”في بيتنا غيمة” للأطفال، وألقى عدداً من أبيات قصيدة “المزهرية” ومن كلماتها:
نيابة عن ضميري وهو يرتقي
وعن قصائد لا يصطادها الورق
خوفاً على وجه أمي وهو يحرسني
في الليل حين بنومي يعبث الأرقُ.
وتغنّى الشاعر التونسي آدم فتحي بقصائد تعكس ذاكرة وتجربة شعرية منفردة بجمال الكلمة وروعة التعبير. حصد الشاعر العديد من الجوائز التونسية والعربية والدولية، وله إصدارات متعددة في الترجمة والشعر مثل: “أناشيد لزهرة الغبار”، وديوان “المراثي المرحة”، و”نافخ الزجاج الأعمى، أيامه وأعماله”، تفاعل مع الجمهور بقصيدته “رسالة إلى طواحين دون كيشوت”، ومن أبياتها:
نارُ فُلْك في ظلِّ كلّ كتابِ
أم خيول في الريح دون ركاب
وبحار من حبرنا أم دِمانا تتمطَّى من تحتنا كالحراب
فإذا نحن بين خوف ويأس ورجاء وفرحة واكتئاب
كلّنا حاضنٌ بجنبيه بئراً وحواليه سُرْبةٌ من ذئاب.
وقرأت الشاعرة اللبنانية أسيل سقلاوي مجموعة قصائد، وهي حائزة على مجموعة من الجوائز العربية وكان آخرها جائزة “شاعر شباب العرب” من بغداد، وصدر لها ديوان ” أنا غبتُ عني”، تقول في نص يلامس القلب:
في قلبِه ندبتان، الجوعُ والفزَعُ
فاعبُر إليّ لطيفًا أيها الوجَــعُ
واسلُك سبيلَ شراييني لعلَّ بها
من سُرّةِ الشعر حبلًا ليسَ ينقطعُ
أبكي، فهل وطنٌ إلاّكَ يسمَعُني وَصَرختي في بَوادي الروحِ تتّسعُ
أبكي سنابِلَكَ الخضراءَ كيفَ مَضَت مثلَ الذينَ مضَوا للآن ما رجعوا
أنا الجنوبيةُ السمراءُ يوجِعُني هذا السوادُ بهِ، لو كانَ ينقشِعُ.
وترجمت الشاعرة الإماراتية أمل السّهلاوي مجموعة من المشاعر والأحاسيس عبر أبيات قصائدها وجمال مفرداتها التي أطلت بها، وللشاعرة العديد من المشاركات المحلية والدولية، ونًشر لها نصوص ومقالات عدة، حيث أنها تهتم بالقضايا النسوية والفلسفية المعاصرة، سواء في قالب الشعر التقليدي أو نصوصها الشعرية والنثرية التي تلامس القلب والروح وهموم الإنسان، ومن إصداراتها المجموعة الشعرية ” كان عليّ أن أؤجلك”، ومن كلماتها:
حاول تفسيرك..
بالطّريقة التي يبرّر بها الشاعر قصيدتَهُ
حتى لا يوصَم بأحزانها،
فيملأ ماءُ المحيطِ فمي..
وأعرف أنني أفوزُ في معاركي
لكنّني خسرتُ الحرب..
كان عليّ أن أؤجّلك
أما الشاعر الموريتاني محمد المامون الحائز على العديد من الجوائز المتميزة الأخرى، فقد قدّم قصائد تحمل عناوين متنوعة مثل: “بانوراما”، و”تَصيرُ اللَحظةُ في قَبضةِ الشعرِ ذاكِرِةً”، يقول:
عَلى جِدارٍ قَديمِ السنِّ .. أستَندُ
مُؤرشِفًا شاردات فيَّ تَتَّقِدُ
حيثُ المَدَى للأسَى سُبُّورةُ .. ومتَى فاضَ المَدى طلَّستهُ بالحَنينِ يدُ!
كمْ طيَّر الحُزنُ في المَعنى نَوارسَهُ ليلًا.. وربَّت ظهرَ الشاطئِ الزَبدُ!
هنالكَ الشعرُ يَبلو كلَّ هامِسةٍ وفِي المَقامِ مقامِ الكشفِ أنفرِدُ
الشاعر الأردني حسام شديفات الفائز بمجموعة من المسابقات، مثل: “موهبتي في بيتي”، “جائزة حسم الثقافية”، و “مبدعو الهاشمية”، وله إصدار شعري بعنوان “خدعة سيزيف”؛ اختار ليتغنى في الليلة الشعرية بأكثر من قصيدة، ومنها: “يا نصيب المتعوس” ومن كلماتها:
أنَسيتَ وجهكَ أم نَسيتَ مَلامِحَه؟
خُذ ما تبقّى فالَمرايا .. جارِحَة
وّضبتَ “شَنطَتكَ” التّي أثقلتَها
في كلّ شيءٍ مِن حنينِ .. البارِحَة
ومَضَيتَ لا طُرُقُ ودمعُك عنبُر وخُطاكَ لا أثرُ .. فليتَ الرّائِحَة
مِن خلفِكَ الدُّنيا بٌكاءُ حبيبَةٍ وأمامكَ الدُّنيا عجوزُ نائحَة.
واختتم الأمسية الشاعر والأديب والناقد المصري أحمد عنتر، الذي حصد العديد من الجوائز العالمية والمحلية وله إصدارات نقدية وشعرية متعددة، مثل” “مأساة الوجه الثالث”، مريم تتذكر”، “شمس لسماء أخرى”، هكذا تكلم المتنبي”، “أغنيات دافئة على الطريق”، “حكاية المدائن المعلقة” وغيرها، وقد ألقى قصيدة تحمل الكثير من معاني الوفاء والمحبة والإخلاص، بعنوان” صهيل الخيول المتعبة” والتي كتبها لرثاء الشاعر السوداني محمد الفيتورى، يقول:
باقٍ وإنٌ غَيَّبَتْ أجسادَنا الحُفَرُ
باقٍ هو الشعرُ جمرُ الرّوح يستعِرُ
باقون نحنُ.. وما كُنَّا ملائكَةً
لكنْ تقاصَرَ عنْ إدراكنا البَشَرُ
هذي الحياةُ حلَلْنا في دقائقِها
كُنَّا لها النسغَ وهي النّبْتُ والشَّجرُ
المطيري توقع ديوانها “فاصلة، نقطتان”
وعلى هامش المهرجان وقعت الشاعرة الإماراتية شيخة المطيري، ديوانها «فاصلة، نقطتان»، في حفل أقيم في قصر الثقافة بالشارقة، بحضور عدد من المشاركين في المهرجان من الشعراء والنقاد والإعلاميين الذين توافدوا لإقتناء الديوان..
وانطلقت الشاعرة في ديوانها بمشروع شعري مفتوح على الاتجاهات الإبداعية كافة، فهي تمسك بطرف التفرد في الكلمة، وتنمو وتتجدّد مع كل قصيدة جديدة تكتبها، حيث يكشف معجمها الشعري عن سياقاتها الفنية وخواصها البارزة في توضيح معالم تجربتها التي تلتحم بنموذج خاص في شعر المرأة الخليجية، فهي تطوف في هذه المجموعة الشعرية المختارة بعناية “فاصلة، نقطتان” بين جوانب شتى تتماس مع واقع يجترح المغامرة، ويؤكد الخصوصية، ويتعدد في جوانبه الفاعلة في التأثير بقوة في المشهد الشعري الأنثوي، فهي بطبيعة الحال تضفي لونًا من الإيقاع العميق في بنية الصورة، وتعدد الشكل الموسيقي.
وأثنى الحضور والنقاد على الديوان الذي اعتبروه إضافة فريدة إلى المكتبة الشعرية في دولة الإمارات والوطن العربي، خاصة وأن الشاعرة من القامات الشابة المميزة في هذا المجال بإصدارها عدة دواوين متنوعة، ومنها:”مرسى الوداد” عام 2009، و”للحنين بقية” 2014، و”يا أكثري وأقلي” عام 2016، “وأظن أنا”، و”كتاب قائمة” عام 2011.