حتى مع توصيف واقع الأسواق وفوضى الأسعار وارتفاعها اللامحدود، وتباينها بشكل لافت ومثير للدهشة والاستغراب، حيث المبررات التي باتت غير مقنعة، بات عدم ضبط أسعار السلع والمواد، والالتزام بهامش الربح المحدد لأي سلعة وفق الإنتاج أو الاستيراد عنواناً عريضاً لكل مايخص الأسواق وحركة العرض والطلب في جميع المحال التجارية جملة ومفرقاً.
ومع أن هذا التوصيف المتكرر والذي بات يومياً وآنياً في بعض الأحيان، ليس بغائب عن الجهات المعنية، لدرجة تثير التساؤلات الملحة والمتداولة حول عدم ضبط الأسعار وإطلاق عنان ارتفاعها دون أسس واضحة تحدد ذلك، ومتى تتوقف تأشيرة عداد الأسعار، وتلمس أي نتيجة تعكس تنظيم وتحديد سعر سلعة ما بما يحقق ولو نسبة توازن بسيطة بين التاجر والمستهلك.
والملفت أنه في تعميمها لمديرياتها في المحافظات، تشدد وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على متابعة الإعلان عن الأسعار في الأسواق وفق فواتير الأسعار المتداولة التي تحرر من المنتجين والمستوردين وتجار الجملة، واعتمادها أساساً في تحديد أسعار مبيع المستهلك وفق نسب الأرباح المحددة، لكن الأسواق تبدو وكأنها لاتعي ذلك الأمر إطلاقاً.
ويبدو أن نغمة كل وقت للسلعة سعر، التي يرددها كثيرون من الباعة والتجار في اليوم الواحد الكثير من المرات، دون الأخذ بالاعتبار الحاجة الماسة للمستهلك لهذه المواد سواء كانت غذائية أم استهلاكية، حتى مع ضعف قدرته الشرائية وتخليه عن الكثير من الاحتياجات والمتطلبات التي تفوق هذه القدرة، والتي أصبحت تحت مسمى حاجات كمالية لا أكثر، رغم الحاجة الأساسية لها.
فلماذا غياب أدوار المتابعة ورصد الواقع وميدان السوق، الذي هو بأشد الحاجة لهذه المتابعة، حيث فلتان الأسعار من جهة، وهناك الظروف الصعبة والواقع المعيشي الأصعب، وكثير من التحديات الضاغطة في جوانب كثيرة تزيد الأمر سوءاً.
أين هي جهات حماية المستهلك التي بات وجودها بالاسم فقط، دون أي حضور وتفعيل لأدوارها بالشكل المنشود الذي يتابع ويضع الحدود المقبولة للأسعار، حتى مع العديد من المتغيرات المتسارعة، وأيضاً يمكن أن يحمي من يسمى هذا المستهلك الذي بات لاحول له ولاقوة في دائرة هذا الارتفاع.