وضع الأميركيون أدواتاً مختلفة لتحقيق مشروعهم للهيمنة على العالم تحقيقاً لمصالحهم وكان لابدّ من رسم خطوط عريضة واضحة المعالم، كان أكبر أدواتهم جماعة الإخوان المسلمين لتكون قوة ضاربة في العمق العربي والإسلامي.. بعد وصولهم للسلطة في مصر بانت عورتهم فسقطوا.
بريطانيا التي أنشأت الجماعة ودربت عناصرها، زرعتها في صعيد مصر، إلى أن بدأت امتداداتها في الأقطار العربية، لتحقيق هدفها في مواجهة التيار القومي العربي، ضخت إمكانات هائلة ليصلوا للسلطة في مصر الوكر الأول، ورغم انهيار منظومتهم لم يقروا بهزيمة مشروعهم..
مازالوا يراهنون في أكثر من مكان على أن تنظيمهم هو المشروع البديل لكل ما يطرح في المنطقة.. لكن الفكر السياسي المتحرر القاضي بدعم المشروع القومي العربي؛ جعل معركتهم في مواجهته في جولتها الأخيرة، ما قبل الانحسار النهائي..
الدعم الدولي المقدم لمنظومتهم على مدى ثمانية عقود متواصلة لم يحقق لهم سوى التراجع القسري في قبالة العقبات التي تواجههم، رغم اطمئنانهم للدعم الدولي الأميركي، الذي يزيدهم تمسكاً بحلم الوصول لمفردات حُكم بعض البلدان خاصة بعد مشروع ما دعي بالربيع العربي..
لم تنف الاستخبارات الأميركية ومراكز الدراسات التابعة لها دعمها لمنظومة الإخوان المسلمين فهي تؤكد دعمها لحزب أردوغان وأنه لا مانع لديها من أن يحكم الإخوان في أي بلد على طريقة أردوغان باعتباره، كما تدعي أنه النموذج الإخواني الذي يناسبها كونه يمثل الإسلام معتدل..
ودون نكران تؤكد أن علاقتها مع الإخوان المسلمين طويلة الأمد.. الحركة التي أنشأتها الاستخبارات الاستعمارية وكانت بدايتها مع البنا الذي دربته وأنشاته وزرعته في صعيد مصر، ومنها بدأ انتشار الحركة في الدول الإسلامية لتنتقل إلى دول أخرى على أنها حركة دينية تبشيرية
ثم أصبح لها أذرع عسكرية في كل المواقع التي تواجدت فيها وكانت الاغتيالات الفردية بداية عملها الإرهابي.. ما وسم الدين الإسلامي بصفة الإرهاب، وحمِّلت عليه الأعمال الإرهابية التي خطط لها من أميركا وبريطانيا ودول القارة العجوز، بينما هو دين فضائل الأخلاق والتسامح.
الأمر الذي يثبت أن جماعة الإخوان المسلمين جزء أساسي من المشروع الأميركي للهيمنة على العالم العربي والإسلامي.. منذ أن أطلقت فكرة الإخوان المسلمين عام 1928 ولاقت في صعيد مصر الحاضن الاجتماعي بين الجهلة، والدعم اللامحدود من منشئيها على قاعدة فرق تسد دينياً..
اعتبر المعسكر الاستعماري الذي قادته أميركا مؤخراً.. أن هذه الجماعة حركة دينية تستهوي روحانية أبناء المنطقة العربية بعيداً عن التشوه السياسي غير المستحب لأنه يعتبر بعداً عن الإسلام، ما يمكنهم لاحقاً من التصدي لمشروع القومية العربية الذي تعتبره خطراً على سياساتها.
لأنه سيعيق مصالحها في المنطقة العربية، ومناهضاً للكيان الصهيوني الشوكة التي غرست في قلب الأمة العربية. فكان تيار الإخوان المسلمين برأيها القادر من خلال الشرخ الذي أوجدته بينه وبين الأقباط، من أولى المبادئ التحريضية الدينية التي وضعوها لمناهضة القومية العربية التي تجمع الأديان على وحدة الموقف والكلمة، بحجة الإسلام الجامع..