الثورة: ظافر أحمد أحمد:
لا يمكن استيعاب التطرف لدى الكيان الإسرائيلي على أنّه يتجسد في حكومة يمينية شديدة التطرف فقط، فالحقيقة التي يتوجب استيعابها هو انتشار التطرف بشكل كبير لدى “المجتمع الاستيطاني” حيث أصبح المكون الحريدي (اليهود شديدو التدين) لدى الإسرائيليين مع بداية هذا العام أكثر من 13% من مجموع المستوطنين بما يعادل المليون و280 ألف شخص، بينما كان عددهم 750 ألفاً في العام 2009.
ومهما حدث التعمق في مكونات وشرائح المستوطنين فلا يمكن التغاضي عن مواصفة الاحتلال الإسرائيلي ذاته الذي نشأ أساساً من خلال تهجير الفلسطينيين ليحل محلهم مهاجرون يهود متعددو الجنسيات، ولديهم جميعهم القناعة الأكثر تطرفاً (بأنهم شعب الله المختار)، الذي يحق له سفك دم الشعب الفلسطيني وباقي العرب..
وتزداد وتيرة التطرف الإسرائيلي، التي يتم تصنيفها بمصطلح اليمين الإسرائيلي، بما يترافق مع زيادة الوحشية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وغيره..، وتؤكد الإحصاءات الإسرائيلية أنّ نسبة نمو الحريديين تبلغ 4%، في حين نسبة النمو العامة في إسرائيل هي 2.3%. وهذا يقدّم التصور لما وصلت إليه مكونات المستوطنين، خصوصاً أنّ إحصاءات معهد إسرائيلي تخصصي تؤكد ارتفاع نسبة المستوطنين الذين يميلون لأفكار اليمين السياسية، وهذا ما بينته أيضاً انتخابات الكنيست الأخيرة..
وبذلك فإنّ الحكومة اليمينة الأكثر تطرفاً في إسرائيل هي نتيجة واقعية للتطرف الإسرائيلي ومقدمة لمزيد من خطواته، التي تصعّدها أفكار وتوجهات شديدة الخطورة وتتركز على العمل لفرض السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتخلص من السلطة الفلسطينية والإعلان عن (الدولة اليهودية) في كل فلسطين التاريخية بما فيها شرقي الأردن، وتحكمها القوانين الدينية فقط، وتكثيف حركة الاستيطان في الضفة، وترحيل العرب الفلسطينيين بالقوة واحتلال الأقصى، وبذلك يصنّف اليمين الإسرائيلي عرب ال48 بأنّهم عدو الدّاخل وأنّهم إرهابيون..
و سبق لتقرير أصدرته منظمة العفو الدولية مطلع العام 2022 بتحديد ثمانية عشر جريمة فصل عنصري ترتكبها إسرائيل كل صباح ضد الفلسطينيين، بينها زيادة قمع الفلسطينيين، والقيود على التنقل بين الأراضي الفلسطينية، ونزع ملكية الأراضي والممتلكات، وعرقلة التنمية البشرية للفلسطينيين، والاعتقال الإداري والتعذيب، والقتل غير المشروع والإصابات الجسيمة..
ومن يتتبع أساليب الوحشية الإسرائيلية خلال العام الماضي وحتى الآن يجد زيادة كبيرة في الوحشية الإسرائيلية وأبرزها عمليات قتل الفلسطينيين واستفزازات عديدة تجاه حرمة الأقصى المبارك..، وهي أساليب تتكفل بصياغة سيناريوهات التصادم الحتمي ووضع مصير المنطقة كلها على كف عفريت..
وتتكفل شريحة شديدي التطرف لدى المستوطنين الإسرائيليين بالحكم على مصير المسارات الإقليمية والدولية التي تقتنع بأنّه يمكن تحويل الكيان الإسرائيلي إلى كيان طبيعي وسط المحيط العربي.