تخرج واشنطن من جحور لصوصيتها وإرهابها الممارس بفجور على الأراضي السورية لتطل على المشهد السياسي وتدلي بدلو إرهابها مجدداً للتشويش على إمكانية إحراز تفاهمات على مسار التطبيع السوري التركي، فتغمز من قناة ” النصرة ” بتدوير رحى إرهابها شمالاً لرسم جغرافيا سياسية وميدانية قوامها التصعيد العدواني وتلغيم طرقات حلول محتملة ونزع صواعق اتفاقات “خفض التصعيد ” من جهة، والتلويح بتشكيل بيادق ما تسميه” معارضة جديدة “، مقرها أميركا وتدار بأزرار تحكمها، بعد الإلقاء بما يسمى بـ” الائتلاف ” الذي تدعمه أنقرة الى قارعة التهميش.
تحبس أميركا أنفاسها ترقباً وخشية من القادم إن كان سياسياً أو ميدانياً بتعاظم مفاعيل المقاومة الشعبية في الجزيرة السورية، فالمرحلة الحالية بكل تحولاتها وتداعياتها سياسياً وميدانياً مفصلية بانعكاساتها على مخططاتها التفتيتية الاستعمارية وعلى وجودها الاحتلالي، ما يتطلب من واشنطن ضخ كل حطب إرهابها في الميدان والسياسة لتعطيل أي تقدم وعرقلة أي توافق سوري تركي يجفف بؤر الارهاب وينهي احتلال الشمال وارتداداته الحتمية على انهيار مشروعاتها .
ليس جديداً على واشطن الاتكاء على عكاز “النصرة” و” قسد” وغيرهما من الفصائل الإرهابية، كلما لاح في الأفق السياسي بوادر ردم بؤر الإرهاب، وذلك لتفخيخ جسور تفاهمات محتملة ونسف إمكانية الحوار والتقارب السوري التركي على أسس الثوابت السورية التي تنطلق من إنهاء الاحتلال وبسط السيادة الوطنية وتفكيك ألغام الإرهاب واستعادة الحقوق المشروعة.
فأميركا لا تفتعل الأزمات لتنهيها وما أوجدت الإرهاب لتطفئ نيران تعدياته، فهي تستظل بمظلة دواعي ” محاربته” والاستثمار بتداعيات حرائق يخلفها بجرائم نهب ثروات ومقدرات السوريين، وتمارس طقوس إرهابها الاقتصادي للتضييق على الشعب السوري وحرمانه من مقومات حياته بالغذاء والدواء والدفء.
كل يوم يترسخ أكثر بالبراهين قباحة السلوك الأميركي وتصرفات إداراتها المتعاقبة الشاذة عن سكة القوانين الدولية والحقوق الإنسانية، وفي كل ما تعكسه تصرفاتها العدوانية بحق السوريين وأمنهم وسلامهم وتعافيهم، تتجسد المفارقات الصارخة بين ما تنادي به واشنطن من شعارات إنسانية دعائية وبين ما تنتهجه من سلوكيات إرهابية تستبيح حرمة الإنسانية.