المتلاعبون بالعقول في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، حماة التضليل الإعلامي الأمريكي، ورعاة الاستراتيجيات المخربة في العالم، يحاولون دائماً وعلى مدى عقود طويلة النيل من الدول المتحصنة بسيادتها، الرافضة لأي إملاءات أو قيود تكبل حريتها السيادية في وجودها كدول مستقلة بقرارها وعلاقاتها وسلوكياتها.
التضليل الإعلامي الأمريكي يحدث دائماً بطرق ملتوية من أجل إخفاء الحقائق وتحقيق أغراض سياسية وعسكرية واقتصادية، لتحويل العقول واستغلالها، عبر بث الأخبار المزيفة لكسب الحروب العسكرية والاقتصادية عن بعد وقرب، وهذا ما حدث فعلاً في حملة التضليل الإعلامي الأمريكي التي شُنت ضد العراق لكسب رأي وتعاطف العالم بشكل عام والمجتمع الأمريكي على وجه الخصوص لدعم الحرب على العراق.
تاريخ أمريكا وإعلامها وإداراتها يزخر بالتدخلات والتوجيهات التضليلية وتقديم كل ما يخدم مصالحها ونواياها وشعاراتها، وأوضح مثال الكم الهائل من الضخ الكاذب لتمهيد الحرب على العراق على أساس معلومات غامضة ومصادر مجهولة ألهبت عناوين الصحف ونشرات الأخبار.
وبعد مرور أعوام على أحداث 11 أيلول التي هزّت العالم والولايات المتحدة، وجعلت الأنظار تتجه نحو منطقتنا، مازالت تقارير الإعلام الأمريكي تجهل أعداد القتلى والمتضررين حتى الآن، ولم تقدّم أيّ كشف عن هوياتهم الحقيقية، ما جعل هذا الحدث نقطة شكّ للكثير من المحللين وقنوات الإعلام الحيادية حتى هذا الحين.
سورية تدرك هذا تماماً، وهي على يقين من انتصارها على حملات التضليل والتلاعب بالعقول، التي تشنها أمريكا ضد الدولة السورية، ومن أجلها تنفق واشنطن ملايين الدولارات لتشويه صورة الدولة السورية، وهذا يعكس إصرارها الخبيث على الاستمرار بتضليل الرأي العام، لغايات جيوسياسية، بعيدة المدى، هدفها الاستمرار في الاحتلال، ودعم أدواتها، والتغطية على أفعالها القبيحة المدانة بكل الشرائع والسنن والقوانين الدولية وغيرها.
المعلومات التي تفبركها الولايات المتحدة الأمريكية وتنفق عليها ملايين الدولارات وتفرغها في جيوب جهات إعلامية مشبوهة بهدف تشويه صورة الدولة السورية، لن يكتب لها النجاح، فسمعة واشنطن السيئة تلاحقها في كل خطواتها العسكرية والإعلامية، وإصرارها على الاستمرار بتضليل الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي، مفضوح ومكشوف في سياق الهجمة الأمريكية التي تستهدف سيادة سورية والتدخل في شؤونها.
سورية واثقة من خطواتها، وجادة في كل تحرك إيجابي تتحدث عنه للحوار مع مختلف الأطراف ضمن منطق وإطار السيادة والكرامة الوطنية، ولن تسمح لواشنطن بالمضي في مشاريعها الاحتلالية وسرقتها ثرواتها ومواردها، وأفعالها التي ترقى لجرائم حرب تتكشف كل يوم في سورية وغيرها من الدول، وتفضحها وسائل الإعلام في الداخل الأمريكي وخارجه.
الولايات المتحدة التي تقدم نفسها راعية لحقوق الإنسان، هي أكثر من مارس السادية في المناطق التي غزتها آلتها العسكرية، وبموازاة ذلك تمارس التضليل الإعلامي لتظهر كالحمل الوديع في الدفاع عن الإنسانية، وهي أكبر منتهك لحقوق الإنسان في التاريخ، والأمثلة الحديثة واضحة في العراق وليبيا وسورية.
معضلة التضليل الإعلامي ظلت تتفاقم في الولايات المتحدة الأمريكية على مدى أكثر من 70 سنة، وقد ازدادت وطأة هذه الظاهرة في ظل الطفرة الرقمية الهائلة التي يشهدها العالم، وأصبحت واشنطن تنفق بأرقام كبيرة على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في داخل الولايات المتحدة وخارجها لتلعب دوراً خبيثاً في التضليل الإعلامي ونشر الأخبار الزائفة.
منهل إبراهيم