الثورة – لميس علي:
لن يشغلك اللغز الذي يحاول فيلم (العين الشاحبة الزرقاء، The pale blue eye) حل أركانه، مقدار ما تشغلك حقيقة كون الشاعر الأمريكي “إدغار آلان بو” عاش شيئاً مشابهاً أم لا..
ما كمية التقاطعات بين الواقع والخيال في تصوير ما عاشه..؟
غالباً سيخطر لك كمتابع أن تلك العين الشاحبة الزرقاء هي عين شخصية (بو) ضمن العمل..
تتأكّد من ذلك إثر الانتهاء من مشاهدة الفيلم الذي كان نص وإخراج “سكوت كوبر” عن رواية للكاتب “لويس بايارد”.
محاولة الخلط/المزج بين حياة (آلان بو) وتفاصيل حكاية العمل أحد أبرز عوامل صياغة التشويق والغموض.. ومعروف عن الكاتب الأمريكي اتباعه نوعاً من الغرائبية والرعب في أدبه.. وربما طغى شيءٌ من الغموض على حياته..
وكأنه اللغز أكثر بكثير من لغز الفيلم الذي يرصد جريمة حدثت في إحدى الكليات العسكرية الأمريكية حوالي عام 1830، حين يستدعي المسؤولون فيها المحقق (لاندور، كريستيان بيل) لمعرفة القاتل المجهول.
تفاصيل بحثه تقوده للتعرف على أحد الطلاب في الكلية (إدغار آلان بو، هاري ميلينغ) يعرّف عن نفسه بأنه شاعر.
لن يصعب على “لاندور” اكتشاف مقدار ذكاء ذلك الطالب، ولهذا يتعاون معه والأصح يقوم بتوظيفه لحل لغز الجريمة.
وعَبْر (آلان بو) ينكشف الكثير من الغموض بالنسب ل(لاندور) الذي يقود مفاصل لعبة حلّ اللغز بكل ذكاء ودهاء.
عينٌ ثاقبة هي عين (بو) تكتشف لغز (لاندور) وكما لو أننا أمام مجموعة ألغاز في هذا العمل.. وبالضبط هو مكمن نجاح حبكة الغموض والتشويق فيه.
أحد أبرز مقومات تميّز العمل إظهار جماليات العلاقة بين طرفي الحكاية الأقوى (لاندور، آلان بو).. بالفعل كانا ندين إن كان عن مستوى اللعب الأدائي أو على مستوى مساحات كل منهما النصية.
ثمة ملمح محاولة لكاتب الرواية (بايارد) ومن بعده مخرج العمل (كوبر)، يتمثّل بإعادة شيء من البريق لتلك العين الشاحبة عبر تظهير شخصية الشاعر (آلان بو) بذلك القدر من الشفافية والذكاء والإنسانية التي جسّدها الممثل (هاري ميلينغ) بكل مهارة وحرفية عالية لا تقلّ عن مهارة كريستيان بيل.
ومع ذكر شيء من الملاحظات على ثغرات العمل، مثل عدم الربط المقنع للكيفية التي يكتشف عبرها (لاندور) لغز عائلة الدكتور ماركيز.. لابدّ من ذكر الأداء الأكثر من مقنع لبطلي العمل الأساسيين..
دون نسيان أن العمل بمجمله ابتداء من عنوانه المأخوذ من إحدى قصص (بو)، وهي قصة “القلب الواشي”، يأتي بطريقة احتفالية غير مباشرة لاسم “إدغار آلان بو”، تماماً كما تمّ توظيف حضوره بكل جمال وجاذبية وإقناع.