لم أشعر يوماً ما بحرقة الشتاء وما يتركه من آثار البرد والمرض كما اليوم، صحيح أنني لا أحب الشتاء أبداً وأشعر مع من قال:إنه فصل الكآبة يوحي بكل السقم الذي يفتك بالحياة….
قد يعترض أحد ما ويقول: إنه فصل الخير… وهذا لا اعتراض عليه أبداً.. نعم فصل الخير والبركة، ولكن أي بركة ونحن ننوء تحت أعباء البرد؛ لا كهرباء لا غاز لا مازوت.. أمس كان حفيدي ابن السنوات الثلاث يرتجف برداً وبصوت كاد يزلزل كياني قال:جدو أنا بردان، ما الذي أستطيع أن أفعله؟
لو كان كبيراً لقلت له: احمد ربك ثمة من لا سقف يؤويه ومن لا يجد رغيف خبز.
مازلنا بخير… لكن ما نفع هذا… إلى أين يتجه اللوم وماذا نقول؟
يروى أن امرأة أتت قراقوش وقالت له: لقد مات زوجي… أريد ثمن الكفن، فقال لها: لقد انتهت مخصصات هذا العام تعالي العام القادم.
هل نخطىء إذا سحبنا ذلك على توزيع المازوت…. نعم أخذنا مخصصات الشتاء الماضي والآن كأنهم يقولون لنا :لقد تدفأتم العام الماضي ظلوا متدثرين بدفئه…. وحتى لا يصطاد أحد بالماء العكر كما يقال: نعرف أن الأمور صعبة ولكنها ليست مستحيلة…. نحن من نصعب على أنفسنا، ماذا لو تم توزيع المازوت على الأسر التي لديها أطفال صغار؟
الحلول كثيرة وموجودة، ولكن من يبحث، من يكلف نفسه عناء الفعل؟
ترى ماذا أقول لحفيدي إذا قال ثانية: إنه يشعر بالبرد؟
في شتاء قادم سأوقد لك مكتبتي التي قضيت خمسين عاماً أجمع بها، فما نفع الكتب حين نجوع ونعرى ونبرد وكما قال أحدهم:ما نفع اتساع العالم إذا كان مكاني ضيقاً.