هي زجاجة كولن باول حين لوح وزير خارجية واشنطن بها منذ عشرين عاماً، فأخرج منها الغزو الاميركي للعراق .. وافتتح بها السرك الكيماوي في المنطقة والعالم بفقرات الساحر الغربي الذي يحول لحظة استعصاءاته وتصادماته السياسية إلى حروب على الدول تحت ذريعة امتلاكها السلاح البيولوجي في العراق أو حتى إدانات باستخدام الكيماوي، كما جرى ويجري في سورية.
بعد عشرين عاماً لم يكن فيها حبل الكذب الأميركي في العراق طويلاً، لكنه استطاع تكبيل الأمم المتحدة وجر المنظمات الدولية (كالحظر الكيماوية) أسيرة لقراره وتقاريره الكاذبة التي اعترف بزيفها وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول شخصياً بعد أن رمى زجاجته التي أحرقت العراق دماراً وحصاراً .. وبدلاً من أن يفتح الملف العراقي أممياً، ويطالب العالم اميركا بثمن دماء العراقيين التي ارتقت في كذبة باول.. عاد البيت الأبيض لاستخدام الكذبة ذاتها في سورية وتبرير العدوان والقتل وحتى الاحتلال بمسرحية استخدام الكيماوي التي فشلت في دوما، ورغم ذلك صفقت لها منظمة حظر الأسلحة..
بالأمس خرج أهالي مدينة دوما للعالم ليقولوا إن استخدام براميل الكلورين في مدينتهم كان مجرد إشاعة أطلقها ما يسمى جيش الإسلام، ومن ورائه واشنطن، وإن منظمة الحظر الدولية بصمت فوق كربونة كولن باول لغزو العراق .. فأهالي دوما لم يختنقوا أو حتى يشتموا غازات كيماوية، بل كان هناك طبل إعلامي يجول بين الطرقات السياسية والدبلوماسية، ويعلن عن مسرحية الكيماوي التي مرت دون ضحايا بالعين المجردة .. فالشهود من مدينة دوما لم يروا أو يسمعوا عن ضحية واحدة، ولكنها قصة إعلامية ترويها اليوم المنظمة الدولية عن حكاية ٤٨ شخصية وهمية قضت في هذه الحادثة المزعومة حسب رواية واشنطن لألف ليلة وليلة كيماوية، وربما يحاول السياف الأميركي قطع حنجرة كل من يخالف روايته حتى لو كان شاهداً من دوما، وقد نسمع عن محاسبة لكل من يقول الحقيقة التي جرت في مدينة دوما.
اليوم أرسلت دمشق رسائلها الدبلوماسية العريضة، ليقول السيد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد إن على العالم إبصار اليقين والتعلم من دروس التاريخ التي جرت في العراق وما قبله والتي تشبه ما يحصل في سورية .. فدمشق تريد ألا يتحول العالم لغابة وألا يسمح لواشنطن بتظليله مرة ثانية بالكذبة الكيماوية أو غيرها، فيلاقي الصوت السوري الدبلوماسي حلفاءه، ويصدح صوت المندوبة الروسية في الأمم المتحدة بأن قتل واشنطن للأبرياء في العراق لا يسقط بالتقادم، فواشنطن إمبراطورية الكذب تشيد أعمدتها فوق الجماجم وفوق بيانات أوروبا الغبية التي تدعو لمقاطعة سورية دون أن تسأل العجوز الأوروبية ماذا جنت من التبعية لواشنطن، وهل عليها أن تقع كاملة في حفرة أوكرانيا حتى تتأكد من عماها السياسي!.
التالي