الثورة – رشا سلوم:
بحث المجلس الأعلى للآثار برئاسة وزيرة الثقافة د.لبانة مشوّح موضوع تحديث وتعديل معايير تسجيل المواقع الآثرية والمعالم التاريخية وتحديد حدودها ومناطق حمايتها بدقة. وأقر المجلس تلك المعايير في تسجيل المباني ومنها القيمة التاريخية والزمنية والقيمة المعمارية وقيمة الأصالة. وتعميمها على جميع دوائر الآثار للتقيد بها.
كما عُرض على المجلس موضوع القاعات الدمشقية في دمشق وخارجها، وإعدادها، وطرق خروج بعض القاعات إلى الخارج ووجودها في متحف عالمية، والإجراءات التي اتخدتها الدولة السورية منذ عام ١٩٦٥ لمنع خروج هذه القاعات إلى خارج القطر.
ومن هذه القاعات الشامية التي يقول عنها منير كيال
والقاعة الشامية كما يكتب عنها منير كيال قائلاً: هذه القاعة فيها فن وإبداع، على يد المبدع محمد علي الخياط (أبو سليمان).
تعود هذه القاعة إلى السيد جميل مردم بك، وهو أحد رجال الكتلة الوطنية، التي عملت على مقارعة الاحتلال الفرنسي لسورية.
وقد استهدفت القاعة الطائرات الفرنسية في منطقة سيدي عامود، وهي التي يطلق عليها اسم الحريقة بأيامنا، فهدمت القذائف الفرنسية دار مردم، فحاول مردم بك الاستعانة بالعناصر الفنية لترميم القاعة، ومن ثم نقلها إلى قصر يريد بناءه بمدينة دمشق، فطلب إلى أبو سليمان الخياط القيام بذلك.
لكن مردم بك أهدى خشبية هذه القاعة إلى المديرية العامة للآثار والمتاحف التي طلبت من الخياط القيام بتركيب هذه القاعة، بجناح المحاضرات بالجانب الشمالي الغربي من بناء المتحف الوطني بدمشق.
وقد تميز الخياط بما هو عليه من أعمال الخشب بمدينة دمشق وخارجها، وكان من أهم أعماله، كسوة وتزيين قاعة مجلس الشعب، وقصر لجنة مياه عين الفيجة بمدينة دمشق، وكانت خاتمة أعماله القيام بكسوة قاعة المحاضرات بالمتحف الوطني وهي القاعة المعروفة باسم القاعة الشامية، موضوع بحثنا.
وقد توصل الخياط إلى معرفة تركيب الدهان الخشبي الترابي المنشأ، ومعرفة الملاط التي يقوم عليه لصنع فصوص الفسيفساء وجعل هذه المادة لا تجف بسرعة، حتى يتمكن من إنجاز عمله بدقة فضلاً عن ذلك، فقد تمكن الخياط من تصنيف فنون الحفر على الخشب وجعل منها ما يطلق عليه الأسلوب القيصري والعباسي والفاطمي والأيوبي حتى لا تختلط أعمال أي أسلوب بأعمال أسلوب آخر.
وكان أروع أعماله القاعة الشامية التي نحن بصددها بالإضافات التي أجراها بحيث تغطي المخصصة بالمتحف الوطني، وهي إضافات لم يستطع أحد من الخبراء تمييزها عن هيكل القاعة الأصلي.
تتكون هذه القاعة من أربعة أقسام هي العتبة والطزران الجانبيان، والغرفة الداخلية الشمالية وقد تميزت القبة بسقفها العالي، ولهذا السقف رقبة مرتفعة، وتتألف واجهتها الشمالية من الباب والمصطبتين، يحيط بها مداميك بيضاء وسوداء متناوبة، ويعلو كل من المصطبتين نصف قبة مقرنصة، أما قوسا المصطبتين فهما من رخام أسود وأحمر، يداخله رخام أبيض.
وإلى جانبي كل من المصطبتين عمودان من الرخام، لكل منهما تاج وقاعدة، وقد كُــسي داخل المصطبتين بالرخام الأبيض والأحمر والأسود يتخلله رخام أبيض وذلك بأشكال هندسية أما أرض العتبة فمفروشة بحصيرة من الرخام يتوسطها فسقية (بحرة) رخامية.
والطزران المتناظران، لكل من جوانبهما الثلاثة نافذتان بينهما خزانة أو خرستان، أما أعلى النوافذ، فمزين بألواح رخامية، مع عناصر زخرفية.
وقد زينت جدران القاعة بحلقة خشبية تتألف من كتبيّات ونوافذ وأبواب وألواح خشبية مزينة بزخارف نباتية وهندسية نافرة، وهي مدهونة بألوان ذهبية مع حشوات مكتوبة بالخط الفارسي النافر المذهب.
وقد جمعت هذه الكسوة وانتهت بالأعلى بطنف بارز مزين بمجموعتين من الزخارف.
وقرر المجلس ضرورة تسجيل القاعات الدمشقية في سورية بقرارات إفرادية حفاظاً عليها والحيلولة دون تفاقم الأضرار التي طالت بعضها، إضافة إلى إطلاق مشروع توثيق هذه القاعات بكل الوسائل الممكنة، وأكد المجلس ضرورة إقامة مؤتمر حول القاعات الدمشقية لجميع الأطياف الأكاديمية والبحثية لبيان أهميتها وتصنيفاتها وتسليط الضوء عليها كواحدة من أهم معالم الهوية المعمارية الفنية السورية وكحرفة يحب الحفاظ عليها وضمان استدامتها.