محنة الزلزال المدمر أحرقت أفئدة السوريين، وزادت من آلامهم وأوجاعهم في ظل ما يتعرضون له من تداعيات الحرب الإرهابية، والحصار الغربي الجائر، الذي يتصدون له بشجاعة وصبر وعزيمة لا تقهر، وكأن قدرهم، مواجهة المحن والصعاب، والتغلب عليها.
أمام هول الفاجعة، وما خلفته من كارثة إنسانية، يحق لنا السؤال: “أين هم دعاة الإنسانية في الغرب؟، ولماذا هذا الصمت تجاه مئات الضحايا، والدمار الكبير الذي أحدثته كارثة الزلزال؟” وهم المتباكون دوماً على الأوضاع الإنسانية التي تدهورت بفعل انخراطهم الجماعي في الحرب الإرهابية على سورية، فهل تحتاج مساعدة سورية ومد يد العون لها وفق معايير العمل الإنساني التي أرساها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 46/182 لانتظار أوامر وتعليمات من “الكنترول” الأميركي؟، أم أنهم يفكرون بوضع أمر المساعدة الإنسانية في خانة الاستغلال السياسي الذي دأبت الولايات المتحدة والدول الأوروبية على انتهاجه منذ بداية الحرب الإرهابية؟، وهذا الأمر وارد جداً في عقلية مدعي الإنسانية في الغرب.
تركيا أصابتها نفس الفاجعة، ولكنها في وضع مختلف بسبب التهافت غير المسبوق من المساعدات الغربية، وهذه ازدواجية صارخة في المعايير الإنسانية، فحتى الآن لم نسمع أي صوت إنساني من قبل المنظمات والهيئات الدولية يطالب بضرورة رفع العقوبات الجائرة المفروضة على الشعب السوري، أو المطالبة بإرسال طواقم إسعاف وإنقاذ، كما يحصل في الحالة التركية، فأين هو المعيار الإنساني الذي يحكم تلك الهيئات الدولية التي تدعي الإنسانية؟.
الحكومة السورية تبذل كل جهودها في مواجهة تداعيات الكارثة الإنسانية، ولاسيما فيما يتعلق بعمليات البحث عن الأحياء وإنقاذ العالقين تحت الأنقاض، ولكنها تحتاج للمزيد من المعدات الثقيلة وسيارات الإسعاف والإطفاء، فضلاً عن لوازم الإيواء للمتضررين من هذه الكارثة، وهذا الأمر مرهون برفع العقوبات والحصار الجائر الذي تفرضه الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيون، فهل تملك تلك الدول الإرادة السياسية والأخلاقية لرفع عقوباتها الظالمة، كي تتمكن سورية من تجاوز الآثار الكارثية للزلزال المدمر؟.