مع اقتراب دخول الحرب الروسية- الغربية في أوكرانيا عامها الثاني سعت واشنطن إلى تأجيج الصراع من خلال زيادة انخراط الناتو في ساحة المعركة وإرسال المزيد من السلاح المتطور بهدف عكس مسار الحرب وفق مفهوم واشنطن التي تروج لفكرة انتصار أوكرانيا واستعادة الأراضي التي أصبحت جزءاً من روسيا منذ عام 2014.
في اجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي في قاعدة رامشتاين العسكرية الأميركية في ألمانيا نهاية كانون الثاني 2023، ضغط وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن على وزراء دفاع الناتو من أجل تعميق الانخراط في الصراع في أوكرانيا الذي وصل حسب رأيه إلى “نقطة تحول” لذلك فإن الدعم العسكري لكييف ينبغي أن يستمر.
ولم تكتف واشنطن بذلك بل أرادت من الدول الأوروبية أن تكون في طليعة المحاربين لموسكو إذ طلبت من ألمانيا إرسال دبابات ليوبارد 2 المتطورة إلى الساحة الأوكرانية وضغطت بقوة لتنفيذ الأمر رغم تردد برلين في ذلك خشية امتداد الصراع إليها، لكن الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن في أعقاب الاجتماع أن بلاده سوف ترسل 31 دبابة من طراز “إم1 أبرامز” القتالية إلى أوكرانيا في حركة إعلامية للتغطية على قرار برلين إرسال تلك الدبابات من جهة، وتشجيع بقية دول الناتو للقيام بخطوات مشابهة وإرسال المزيد من الأسلحة الفتاكة إلى الجيش الأوكراني.
لكن العديد من المسؤولين العسكريين الأميركيين كشفوا بعد تصريح بايدن أن إرسال واشنطن الدبابات الأميركية لن يكون ممكناً قبل نهاية 2023 بحجة تدريب الطواقم الأوكرانية على قيادة الدبابات واستخدامها، في مؤشر على أن التعهد الأميركي ليس إلا خدعة لدفع الدول الأوروبية إلى ساحة المعركة وتوريطها في حرب مباشرة مع الروس في الساحة الأوكرانية.
فواشنطن تحضّر الساحة الأوكرانية لما تسميه بـ “معركة الربيع” ضد روسيا عبر زج المزيد من السلاح المتطور للجيش الأوكراني والحديث عن خطة كييف لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها روسيا وتلك التي أصبحت جزءاً من الأراضي الروسية منذ عام 2014 كشبه جزيرة القرم، في محاولة لشحن النظام الأوكراني بقوة وهمية الهدف منها فقط إطالة أمد الحرب دون القدرة على تحقيق أي من الوعود والأوهام التي يغرسها الغرب في رأس المهرج زيلينسكي.
فالخطوة الغربية لن تجعل السلام ممكناً للشعب الأوكراني ولن تحقق له أي نصر، ولكنها بلا شك سوف تزيد من حدة الصراع وتفاقم المصاعب التي يعانيها الشعب الأوكراني الذي سوف تقاتل به واشنطن إلى آخر جندي أوكراني.
هذا ما أكده المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، عندما قال إن شحنات الناتو للأسلحة الثقيلة إلى كييف، لن تغير شيئاً جوهرياً في المعركة، لكنها ستضيف فقط المشاكل إلى أوكرانيا وسوف تطيل أمد الصراع.
زيلينسكي الذي يتوهم أن الغرب سيبقى يسانده لتحقيق النصر على الجيش الروسي بدأ يطالب الغرب بتزويده بصواريخ بعيدة المدى ومقاتلات حربية في دليل على أن خطة واشنطن في زراعة وهم النصر لدى النظام الأوكراني تنجح في استنزاف الشعب الأوكراني وتحويل الأرض الأوكرانية محرقة لخدمة المصالح الأميركية الاستراتيجية.
إن القرارات الغربية التي اتخذتها برلين وواشنطن ستغير المشهد الجيوستراتيجي للصراع، فلم تعد العواصم الغربية تستطيع أن تقول إنها ليست طرفاً في الصراع مع روسيا، بل هي الطرف الأساسي وسوف يكون مشروعاً تماماً للجيش الروسي استهداف الدول المنخرطة في الحرب ضده سواء ألمانيا أم الولايات المتحدة.
فقد أكّد رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، فاليري غيراسيموف، أنّ روسيا تتصدى لكل الغرب الجماعي في العملية العسكرية في أوكرانيا.
بلا شك أنه من مصلحة أوكرانيا والشعب الأوكراني تجنب حرب طويلة الأمد لأنها ستزهق المزيد من الأرواح، لذلك فإن مساعدة أوكرانيا والشعب الأوكراني يكون بالبحث عن مخرج سلمي يضمن الحقوق الروسية ويجنب الأوكرانيين المزيد من الويلات والدمار، لكن ما يحدث العكس حيث يؤجج الغرب الصراع بقيادة واشنطن ويعمل على تصعيده إلى نحو خطير للغاية.
ومن يعتقد من الغرب أنه بتصعيد الحرب ضد روسيا سوف يجبر موسكو على تقديم تنازلات على مشارف حدودها فإن ذلك وهم وسراب، وقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا تسير وفق الخطة وسوف تحقق أهدافها.