على أمل استرجاع إيقاع حياتنا الطبيعية.. الرهان على تكاتفنا وإرادتنا

الثورة – طرطوس – لجينة سلامة:
ما هي إلا ثوان معدودة لم تتجاوز زمن الدقيقة الواحدة حتى دخلنا في حالة من الذهول والرعب والهذيان والخوف والهلع بكل أشكاله.
هي حالة عدم التوازن الجسدي والنفسي تبحث فيها عن أرض ثابتة وجدار آمن، وتفلت الأمور منك إلى أن تعي في ثوان أخريات على أنه الزلزال الذي كنت تقرأ عنه في الكتب وتشاهده على شاشات التلفزة، واليوم بات حقيقة على الأرض تعيشها وتتمنى لو أنك لم تعشها ولا ذقت صعوبتها وقساوتها.
إنها الكارثة الطبيعية التي كنت تتجنّب الحديث عنها ولا ترغب أن ترى آثارها التدميرية في الشوارع والمباني وأضرارها في الأرواح والأبدان.
إنه الزلزال فجر يوم السادس من شباط للعام 2023 لن يُمحَ من ذاكرة أحد بقي على قيد الحياة ورأى ما رأى وسمع ما سمع.
يوم تاريخي في حياة سورية التي لم تكد تنهض بأبنائها من وحل الإرهاب لتقع في الخراب والدمار والفوضى والخسارة على كل المستويات البشرية والاقتصادية والنفسية، لتدخل في وضع المحافظات المنكوبة.
فالنكبة حقيقة عند جميع أبناء الشعب الذي يثبت دوما أنه أنموذج حيّ للجسد الواحد الذي ما إن يصاب عضو منه بخلل ما، حتى يصبح الخلل في كافة أنحاء الجسد ذاته.
الهزات الأرضية التي أرعبتنا والمشاهد المرعبة التي عشناها لاتفارقنا، وكذلك صور ضحايا الزلزال ودمار الأبنية في حلب وإدلب وحماة واللاذقية وجبلة نعيش تفاصيلها ونعيش قصص حيواتهم وهم أموات وأحياء وقد أمضوا أعمارهم في جهد وسعي لتأمين مأوى آمن من العازة والحاجة، ضحايا قضوا أوقاتهم ورديات وساعات عمل إضافية حتى يؤمنوا لقمة عيش لأبنائهم بكل محبة وود.
ضحايا الزلزال قصص موت وعجز وحكايات معجزات حدثت لأناس كتبت لهم الحياة من جديد، وهم أيام وليال تحت الأنقاض، كما كتبت لغيرهم الولادة من رحم الزلزال في رسالة للأحياء على اختلاف شرائحهم، أن كل شيء بيد الله من قبل ومن بعد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وانه (فوق كل ذي علم عليم).
الحديث عن الزلزال مؤلم وموجع حقاً، ونحن الذين لم نصب إلا بالهلع ولثوان فكيف الحال عند من جاء عليه الزلزال فأفقده أهله وأحبابه وأملاكه.. فكيف الحال بمن أمضى ليالي وهو تحت رحمة الله وينتظر وصول فرق الإغاثة والإنقاذ التي لم تتأخر، مثلها مثل المساعدات من أهل البلد والدول العربية الشقيقة وبعض الدول الغربية التي ساندت وتساند سورية في محنها دائماً.
فكانت قافلات المساعدات المحلية من المحافظات الأخرى ومن جميع القطاعات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية والمهنية والعمالية والجمعيات والمؤسسات الإنسانية باتجاه المحافظات المنكبوبة وبشكل منظم وحضاري لإيصال المواد الإغاثية والأدوية والاحتياجات الإنسانية والألبسة والأغذية إلى محتاجيها في هذا الجو البارد والعاصف.
وهنا لايمكن أن ننكر أبداً فرق الإنقاذ والإغاثة وقافلات المساعدات العربية والدولية كما ذكرنا سابقاً والتي لم تنتظر فك الحصار عن البلد المصاب ليساهم كل بطريقته وبإمكانياته وقدراته وخبراته المهنية في التعامل مع مثل هذه الكوارث الطبيعية وتداعياتها.
– الدعم النفسي..
وعلى أهمية تلك المساعدات العينية لمحتاجيها تبدو الحاجة أكثر لإيلاء الجانب النفسي الأولوية والاهتمام بمتضرري الزلزال والفاقدين والناجين وذويهم، والذين عاشوا لحظاته التي قد نحتاج جميعاً الكثير من الوقت لنسيانها، والكثير من القوة لتجاوز آثارها في النفس وآلمت الصغير قبل الكبير، وتسببت له تلك الثواني القليلة في حالة من القلق والأرق والخوف من الغد الذي كان يحمّله الكثير من الأحلام والخطط الحياتية، والأماني العملية والعلمية والأيام السعيدة خاصة وأن (غداً) صار أملاً بأوقات آمنة بلا هزة ترددية وبرفقة الأهل والأحباب، وبلا ضرر يأتي من شق في جدار قد يشكل كارثة إذا ماحدث الزلزال مرة أخرى، كما راحت صفحات (الفيس بوك) وغيرها تروج لشائعات وأخبار عن احتمال زلزال آخر.
ومن هنا تأتي أهمية العمل على الجانب النفسي عند الجميع من دون استثناء فهذه الكارثة تركت أثراً ليس خفيفاً وإنما أصبحنا جميعاً في حاجة إلى الوعي واسترجاع إحداثياتنا قدر الإمكان فهذا الصدع الذي حدث في الحجر حدث في النفوس، وبات علينا استنهاض عناصر القوة والإيمان بالله وبالقناعة المطلقة أن أحداً لا يمكنه التنبؤ بحدوث الزلزال، كما أنه لا يمكن لأحد أن يوقف عجلة الحياة لأن من طبيعتها الحركة والدوران.
لذلك فالحاجة اليوم إلى جانب المساعدات العينية والمادية إلى الدعم النفسي بكل أشكاله عبر تفعيل دور المعنيين في هذا الشأن بدءاً من الإعلام بجميع وسائله مروراً بوزارة التربية وصولاً للعاملين في مجال الطب النفسي لمعالجة تداعيات هذه الكارثة، والعمل كفريق إسعافي متكامل للحفاظ على رباطة جأش المواطن في مواجهة هكذا ظرف استثنائي، واطلاعه على آلية التعامل مع الوسط المحيط بشكل إيجابي وفعَّال.

آخر الأخبار
مشاريع صناعية تركية قيد البحث في مدينة حسياء الصناعية تطوير القطاع السياحي عبر إحياء الخط الحديدي الحجازي محافظ درعا يلتقي أعضاء لجنة الانتخابات الفرعية تجهيز بئر "الصفا" في المسيفرة بدرعا وتشغيله بالطاقة الشمسية توسيع العملية العسكرية في غزة.. إرباكات داخلية أم تصدير أزمات؟. "الذكاء الاصطناعي" .. وجه آخر  من حروب الهيمنة بين الصين و أميركا الجمعية السورية لرعاية السكريين.. خدمات ورعاية.. وأطفال مرضى ينتظرون الكفلاء مدارس الكسوة والمنصورة والمقيليبة بلا مقاعد ومياه وجوه الثورة السورية بين الألم والعطاء يطالبون بتثبيت المفصولين.. معلمو ريف حلب الشمالي يحتجّون على تأخر الرواتب تقصير واضح من البلديات.. أهالٍ من دمشق وريفها: لا صدى لمطالبنا بترحيل منتظم للقمامة ماذا لو أعيد فرض العقوبات الأممية على إيران؟ "زاجل" متوقف إلى زمن آجل..مشكلة النقل يوم الجمعة تُقّيد حركة المواطنين في إدلب وريفها الدولة على شاشة المواطن..هل يمكن أن يرقمن "نيسان 2026" ثقة غائبة؟ تعزيز الشراكة السورية- السعودية في إدارة الكوارث بين الآمال والتحديات.."التربية" بين تثبيت المعلمين وتطوير المناهج "العودة إلى المدرسة".. مبادرة لتخفيف الأعباء ودعم ذوي الطلاب "بصمة فن" في جبلة.. صناعة وبيع الحرف اليدوية إسرائيل تبدأ هجوماً مكثفاً على غزة المشاريع السعودية في سوريا.. من الإغاثة الإنسانية إلى ترسيخ الحضور الإقليمي