من كل المدن والبقاع السورية، ومع كل الظروف يسافرون طوعاً وبملء إرادتهم دون إجبار أو إكراه، وجهتهم المحافظات المنكوبة من الزلزال، وغايتهم تقديم العون والمساعدة والإغاثة للمتضررين من تداعيات وآثار الزلزال، حسب الأوجه والإمكانيات المتاحة في ظروف قاسية وصعبة للغاية، لدرجة يسجل فيها العجز والصمت عن ما يمكن أن يقال أو يدخل في دائرة الرصد والكلام.
فيوماً بعد آخر ومنذ اللحظات الأولى لحدوث الزلزال، والكارثة الإنسانية في محافظات اللاذقية وحماة وحلب وإدلب، يوثق السوريون من جميع المحافظات وبالدليل الحي الذي لايحتاج مقدمات أو أي مسوغات سوريتهم الأصيلة، حيث هم كما كانوا وسيبقون شعب العزة والكرامة والنخوة والمروءة في الداخل والخارج، ومن جميع الأماكن ريفاً ومدناً على حد سواء.
وبحجم الألم ولملمة الجراح النازفة يكبر الشعب السوري بإنسانيته وتعاضده وتكافله الاجتماعي الملفت، تحت عنوان عريض لم تستطع كل التحديات والحرب والضغوطات أن تغير كلمة أو حرفاً واحداً فيه، عنواناً سيبقى يؤكد الوحدة الوطنية لجميع السوريين على مرّ الأيام والعصور.
إذ أن صورة هذا التعاصد تسجل أروع المواقف والجهود المبذولة لتقديم أي مساعدة وعون، حتى بجميع أشكال هذه الجهود من الجهات الرسمية، أو المبادرات الفردية والأهلية والمجتمعية التي تنافست في أن تكون حاضرة وبقوة، وهذا الحضور وثق عملاً ميدانياً بأشكال متعددة الجوانب، ركزت على مختلف تفاصيل الإغاثة التي يمكن أن تقدم في مثل هذه الحالات الإنسانية الصعبة.
مع استمرار كل الأعمال والجهود المضنية، وكل المساعدات والإعانات الإغاثية من الداخل أو من الخارج، يبقى تنظيم هذه الأعمال وفق خطط واضحة الهدف والغاية أمر مهم يستحق التكامل والاستمرارية، وبقوة أكبر لوصول كل مساعدة ممكنة لمستحقيها من المنكوبين والمتضررين في كل مكان، فهناك كثيرون ممن فقدوا كل شيء ولجؤوا إلى أقاربهم في قرى ومحافظات أخرى.
فالمسؤوليات كبيرة وحب الوطن أكبر، والعمل أبقى، ليظل السوريون الحاضرون أبداً في كل الظروف يقدمون التضحيات ويعملون ويصارعون أقسى التحديات، ويعطون الدروس والعبر كيف يكون العمل والصمود في سبيل علو الوطن، فهم في كل ظرف وحدث سباقون للوطنية وبدرجة الشرف يحققون أعلى مراتب النجاح والانتصارات.