رغم أن خطواتنا لم تكن الأولى في أروقة معرض دمشق الدولي، إلا أن هذه الزيارة حملت شعوراً مختلفا، نبضا خفيفا يمرّ بين الأجنحة، يهمس بالفرح والحياة.
الازدحام حاضر، ألوان البشر في الأروقة، ضحكات الأطفال تمتزج بالهمسات، وخطوات الناس المتدفقة تتشابك كأنها احتفال جماعي.
البعض يرى في ذلك فرحة سورية متجددة، لحظة تلتقط فيها المدينة نفسها بعد صمت طويل، بينما يرى آخرون أن الضجيج قد يعرقل لغة الأعمال، يجعل من الصفقة حلما يتلاشى وسط صخب الأقدام والكاميرات والابتسامات العابرة.
وفي هذا التناقض تكمن دعوة أعمق… كيف يُمكن تمكين السوري من الفسحة الحقيقية، من حرية التحرك والاكتشاف، من استعادة حقه في المكان؟
لقد كان المجتمع يوماً كأرض ضيقة، محصورة، كأن الحياة تحرم الناس من البهجة، وتضيّق عليهم المساحات التي تمنحهم حرية الحركة واللقاء.
اليوم، يتحرك الناس في المعرض كما لو أنهم يكتشفون المدينة من جديد، يلتقطون لحظات صغيرة من الحرية وسط الألوان والأضواء والمنتجات المعروضة، ويعيشون تجربة المكان بكل حواسه. هذه التجربة تذكّرنا أن توفير مساحات للتنزه والسياحة الداخلية ليس رفاهية، بل ضرورة، مساحة تتنفس، تجمع الناس والفرص، الفرح والاقتصاد معًا.
بلادنا مليئة بالفرص، وفي كل جناح يمكن أن ينبض قلب الاستثمار، وتصبح النزهة العائلية جزءا طبيعيا من الحياة اليومية، حين يلتقي الفرح بالفرصة، يتحول كل ركن إلى تجربة إنسانية، وكل خطوة إلى جسر بين الإنسان والمكان، بين الحرية واللقاء، ويصبح للمعرض وقع مختلف إنه حياة تُرى وتُحس، ويُثبت أن الفسحة والفرصة يمكن أن يسكنهما قلب واحد.