كيف يمكن للمشهد التجاري أن يختلف أو يتحسن أو يطرأ عليه أي تغيير إيجابي ولو مثقال ذرة ..، وتجار وسماسرة ولصوص الحروب والأزمات والكوارث هم أنفسهم بنشازهم وتماديهم واستنزافهم الدائم ونهبهم المستمر واستهدافهم المتكرر لغذاء ودواء وكساء المواطن الذي لم تعد تجدي معه نفعاً أي سياسة ترشيد أو خطة تقنين أو برنامج لضبط المصروفات.
المشهد التجاري والإنساني “على حد سواء” قاتم وحالك ومقلق ومرعب أيضاً، والتفاصيل مؤلمة وموجعة وقاسية، والأحداث التي مازلنا نعيش حتى يومنا أدق جزئيتها مازالت تدمي القلوب، وتهز مشاعر الشيب والشباب من جديد، وكأن الفاجعة ـ المأساة ـ الكارثة ـ النكبة ـ الصدمة لم يمض على وقوعها أكثر من دقائق قليلة معدودة، أو ساعات على أبعد تقدير، في صورة طبق الأصل لحالة النشاز والشذوذ والفلتان السعري التي حركت وهزت كل شيء إلا مشاعر شريحة غير هينة من التجار التي يبدو أنها وللأسف كـ جلمود صخر.
نعم، حتى الزلزال نفسه، والحرب عينها، لم يكن لهما أي وقع داخل مشهدنا التجاري الذي يبدو أن البعض من أعضائه .. لم يسمعوا يوماً بشيء أسمه “إغاثة الملهوف ــ وتقديم يد العون للمضرور ـ ودعم المنكوب ..”، وكيف لهم ذلك واتحادهم وغرفهم التي ينتمون لها الغائبان “رقم واحد” عن المشهد العام لزلزال الأسعار الذي مازال يضرب بشكل مستمر ويعصف بوتيرة متصاعدة داخل أسواق محافظاتنا المنكوبة وغير المنكوبة، مع وجود استثناء وحيد لا ثان له هو التبرعات الخجولة والمتواضعة التي سبق لكار التجار تقديمها للمحافظات المتضررة من الزلزال “اللاذقية ـ حلب ـ حماة” .. باليد اليمنى، واستماتت البعض منهم بكل ما أوتوا من قوة لاستردادها أرقاماً مضاعفة باليد اليسرى وبأسرع وقت ممكن ..
هذا الأمر الحساس والخطير والمرعب جداً برسم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك .. لا الحكومة مجتمعة .. المطالبة اليوم وأكثر من أي وقت مضى تغليظ عصا العقوبات والجزاءات، وإزالة سقف الغرامات التي نص عليها المرسوم التشريعي رقم 8 الخاص بحماية المستهلك خلال الحرب والزلزال وبعدهما.. وإنزاله كالصاعقة على رأس كل من رمى يمين الطلاق “بالتلاتة” في معاملاته الربحية غير المشروعة على كل ما يمت بصلة للسلوك الإنساني الأصيل والنبيل، والخلق الرفيع، والمروءة، ومكارم الأخلاق، والنجدة والمساعدة والتعاون على البر والتقوى، والتعاضد والغيرية التي جسدها المواطن السوري ومازال بأبهى وأحلى وأروع صورها، من داخل وخارج أرض الحدث “زلزال الطبيعة – زلزال الأسعار – زلزال تأمين السكن البديل – الدائم”.