سعاد زاهر:
ألا يفترض بنسق فكري مغاير أن ينبش من وسط كل هذا التخلخل الذي وضعتنا فيه كوارث طبيعية، نقف إثر كل هزة ارتدادية حائرين، أي اتجاه نسلك؟
لا تطول حيرتنا، فتلك الهزات، تعيد بث كل مشاهد الرعب التي علقت في ذاكراتنا حين كانت مشاهد زلزال السادس من شباط لاتزال طازجة في الوجدان، وعلى ما يبدو أننا سنحتفظ ما حيينا بتلك المشاهد لن تغادرنا، سوى إن تمكنا من التطهر منها.
لكن كيف …؟
ربما حين نفهم دورنا الإنساني، حين نمد أيدينا باتجاه حياكة إنسانية تخيط جروحاً لم نتوقع يوماً أننا سنحياها، اللمة التي شهدناها منذ اهتزت الأرض تحت أقدمنا، صنعت روحاً أخرى، تلك اللهفة التي حاولت طمس كل ما سبق أن عشناه من تخلخل قيمي أودى بنا إلى نفق مسدود.تساؤل خفي أفضى بنا إلى التساؤل، هل نبقى في حدود ذاك النفق الذي نحشر ذواتنا فيه، حين نعاند بعضنا، وتمتد الأيدي لتعيق تقدم الآخر، غير آبهة سوى بمعاناة شخصية، لا تلتقط ترددات معاناة ونحيب الآخر، حتى وإن كان غارقاً في عمق مأساة لانهائية.
كل ما حولنا يفضي بنا حينها إلى خراب روحي، لا ندري أي قدر يصر على حشرنا فيه، فهل نستسلم؟
ألا يعني استسلامنا، أننا لم نفهم ما حدث، لم نأخذ العبر، من كل تلك المطبات الصخرية العصية على التفتت إلا حين ننزاح باتجاه معاناتنا الجمعية، معتبرين أن مقولة الكسندر دوما «الكل للفرد، والفرد للكل» قد حان أوانها وهي التي تقودنا فعلياً إلى فهم دور جمعي ينطلق من معاناة الآخر قبل معاناتنا، من تلمس احتياجاته قبل احتياجاتنا، حين نصل إلى هذه الحالة من التفاني، ربما هي بداية طريق نحو التطهر والإطاحة برواسب حرب آن أوان بعثرتها.
التالي