رنا بدري سلوم:
حكاية الأرض التي تقيم حفلة راقصة في يومِ ميلادها كانت حكاية كارثة الزلزال، هي ليست نكتة، نعم الفرق كبير بين أن نتشارك تلك الأرض عيدها وبين أن تُقلب الدنيا على رؤوسنا رأساً على عقب لأننا نتعايش على يابستها، وهنا يكمن الإبداع في كيفية صياغة قصة الحياة والموت وتفاصيل يتساءلها الطفل المتلقي عن هذه الحفلة.. فما الذي يسكت صراخ الخوف والهلع من عيني الأطفال الذين عاشوا كارثة الزلزال، وما الذي يمحي من ذاكرة البؤس والموت والدمار لمن شاهدها على شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي ولم يعشها؟ سوى الأسطورة القادرة على أن تنمّق المآسي وترتبها، ليغدو الفن عرّاب الأفكار، وحده الفن يعيد صياغة الموت بحلّة مبتكرة تفرح القلب ولا تروّعه وتسر العين ولا تبكيها وتؤرخ جراحنا النازفة فينا ونحن أبناء النسيان.
أنسنة الأرض والبكاء
نسجت الأديبة والقاصة سعاد مكارم العديد من الحكايا ومنها حكاية الأرض التي تقيم حفلة عيد ميلادها لتراقصنا وتشاركنا الاحتفال، أسوة بالأطفال الذين يقيمون أعياد الميلاد، من خلال كتابة خيالية ممتعة فيها عنصرا المغامرة والتشويق وكما بينت في تصريح للثورة أنه من خلال تعاملها مع الأطفال لسنوات طويلة وكتابتها قصصاً لهم وولوجها عالمهم أن الطفل في مراحل الخوف والهلع يلجأ إلى قصص وحكايا تعيد له توازنه النفسي وتشعره بالطمأنينة، وهذا ما عملت عليه في فترة كارثة الزلزال من خلال كتابة قصص صغيرة بطلتها الأرض وأنسنتها بكل مشاعر الغضب والفرح، مؤكدة مكارم على دور كتّاب قصص الأطفال في عدم المباشرة بطرح موضوع الفكرة وإن كانت مؤلمة ككارثة الزلزال، وأن تلتزم القصة بقيم أخلاقية ورسائل تربوية توجه وتغرس في فكر الطفل القارئ والمتلقي، كقيم التعاضد والمساندة في المجتمع والأخوة والتعاون والمشاركة من ضمن الحكايات الموجهة للطفل ولاسيما في فترة تداعيات الكارثة كالتأكيد والإشارة إلى قصص استنفار المجتمع ومساندة المتضررين وإبراز قصص واقعية معاشة أثناء الكارثة، فالقصة وكما بينت مكارم أنها توازي في قيمها وتأثيرها النشاطات اللاصفية للأطفال ليعبروا عن ذواتهم وإحياء دورة الحياة والمرح في حياتهم من جديد.
إطلاق مسابقات فنيّة
وعن حكاية الأرض والزلزال بينت مكارم أن الأطفال لاقوا استحساناً وقبولاً لفكرة أن الأرض هي بطل القصة بطريقة واضحة ومبسطة، مشيرة إلى أنه لا يكفي كتابة القصص فقط بل لابد أن يرافقها رسومات ملونة تحكي عن الزلزال بطريقة فنية تحاكي المرحلة العمرية لكل فئة مستهدفة من الأطفال وتوثيق هذه المرحلة بطريقة فنية إبداعية لتتوازن الكلمة مع الصورة والتي لها دور كبير في مرحلة العصف الذهني عند الأطفال في هذه المرحلة التي نعيش تداعياتها النفسية.
وعن مشاركة الأطفال أفكارهم أكدت الروائية والبحاثة التربوية سعاد مكارم أنه لابد من إعطاء الأطفال أولوية في مرحلة التعبير عن أنفسهم وما يفكرون به عن الزلزال، كإعطاء وقت محدد للأطفال في مرحلة رياض الأطفال أو المراحل الابتدائية لتشجيعهم على الرسم وليكون المحتوى هو الأرض والزلزال، مقترحة على الجهات المعنية البدء بإعلان مسابقات فنية لتشجيعهم على إظهار أفضل ما لديهم من خلال مشاركتهم ومنافستهم مع بعضهم البعض خاصة قبل انتهاء العام الدراسي.
